علاج لالتهاب الأوعية الدموية الحاد
حقق الباحثون مؤخرا تقدما كبيرا في علاج التهاب نادر ومدمر للأوعية الدموية, ففي دراسة استغرقت ستة أشهر، أتاحت إستراتيجية علاجية جديدة نفس فوائد العلاج القياسي المستخدم منذ 40 عاما، وبفترة علاجية أقصر وتكرار للعلاج أقل، حسب بيان معاهد الصحة القومية الراعية للدراسة.
وتشير النتائج الأولية إلى أن المرضى الذين يعانون انتكاسات مرضية، كمعاودة الحمى أو الإرهاق أو التلف الكلوي أو نزيف الرئتين، يستجيبون بشكل أفضل للعلاج الجديد.
وقد قاد فريق البحث الدكتور جون ستون بمستشفى ماساتشوستس العام، والدكتور أولريش سبكْس بمايو كلينيك بروشستا مينسوتا، ونشرت حصيلة الدراسة إلكترونيا بدورية "مجلة نيو إنغلند الطبية" (NEJM).
وينتج المرضى المصابون بهذا المرض أجساما مضادة تهاجم خلايا "نيوتروفلز" neutrophils المناعية، مما يسبب التهابا للأوعية الدموية الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يؤدي بدوره لإتلاف الأعضاء خصوصا داخل الشعب الهوائية والرئتين والكليتين.
كبح خلايا (باء)
وتشمل الرعاية الطبية المتبعة للمرضى جرعة يومية من سيْكلوفوسفاميد (cyclophosphamide) مع منشطات (ستيرويد) لمدة 3-6 أشهر، تتبعها جرعة أخرى يوميا ولأمد طويل من آزاثيوبرين (azathioprine) المضاف إليه منشطات.
وقبل التوصل لهذا العلاج، كان 80% من المرضى يموتون خلال سنتين من بداية المرض نتيجة الفشل الكلوي أو نزيف الرئتين, وعلى مدى أربعين عاما، أنقذ هذا العلاج حياة مرضى كثيرين.
وكان أكثر من 90% من مرضى الداء المدمر يشهدون تعافيا بعد علاجهم بالسيكلوفوسفاميد, ورغم نتائجه المُرْضية، هناك نسبة عالية من الانتكاسات وحاجة لمعاودة العلاج, لذلك سيكون التوصل لخيارات علاجية أكثر فعالية تطورا جديرا بالترحيب.
وأظهرت البحوث المبكرة أن السيكلوفوسفاميد يعمل من خلال كبح وظيفة خلايا (باء) المناعية المنتجة للأجسام المضادة المدمرة لها ذاتيا, لكن الاستخدام الطويل المتكرر للسيكلوفوسفاميد يزيد من تعرض المرضى لمخاطر عدوى الأمراض والسرطان والعقم، وتأثيرات جانبية أخرى.
هدف مزدوج
ولدى البحث مؤخرا عن بدائل علاجية لمن يعانون من التهاب الأوعية الدموية الحاد، توجه الباحثون نحو ريتوكسيماب (rituximab)، وهو جسم مضاد توليفي يخفض انتقائيا عدد خلايا (باء) السيارة بالدم, وهو يستخدم حاليا لعلاج بعض أورام خلايا (باء) الليمفاوية، وسرطان الدم الليمفاوي المزمن، والتهاب المفاصل الروماتويدي.
وحسب الدكتور ستون كان للدراسة هدفان, أحدهما استحثات التعافي من المرض وخفض أو إنهاء استخدام الستيرويد علاج صيانة، والآخر إيجاد علاج أقل سمية ويطيل التعافي.
وشارك في الدراسة 197 مريضا,51% منهم سبق لهم العلاج، و49% تم تشخيصهم بالإصابة مؤخرا.
وقسّم المشاركون عشوائيا إلى مجموعتين: عولجت إحداهما بجرعة ريتوكسيماب أسبوعية عبر الوريد لمدة شهر بجانب الستيرويد. بينما عولجت المجموعة الأخرى لمدة 3-6 أشهر بجرعة يومية من سيكلوفوسفاميد مع الستيرويد، ثم بجرعة يومية من الآزاثيوبرين.
نتائج مشجعة
بعد فترة علاج مدتها 6 أشهر، وجد الباحثون أن 64% من مجموعة الريتوكسيماب و53% من مجموعة السيكلوفوسفاميد لا نشاط للمرض لديهم، واستغنوا تماما عن استخدام الستيرويد, وأظهرت الدراسة بنجاح أن الريتوكسيماب قدم فوائد علاجية مكافئة للعلاج القياسي.
بل كان العلاج الجديد أفضل في حالات معاودة المرض، حيث وجد الباحثون أن 67% من المشاركين بمجموعة الريتوكسيماب الذين عاودهم المرض لم يشهدوا نشاطا مرضيا وقطعوا استخدام الستيرويد بعد العلاج، مقارنة بنحو 42%، استطاعوا ذلك بمجموعة السيكلوفوسفاميد.
يقول الدكتور سبكس إنه رغم فعالية العلاجين في خفض عموم نشاطات المرض، فإن نتائج هذه الدراسة تشير إلى تفوق الريتوكسيماب على السيكلوفوسفاميد في استحثاث التعافي بعد بداية المرض واستفحاله.
ولاحظ الباحثون أنه رغم تقارب فاعلية العلاجين لالتهاب الأوعية الحاد، يمثل قصر فترة العلاج بالريتوكسيماب واقتصاره على جرعة أسبوعية تقدما علاجيا كبيرا, ولم يجدوا فروقا هامة بين المجموعتين لآثار العلاجين الجانبية.