لنبطل مايطرحه الشيخ المجوسي كمال الحيدري
عند الالتقاء مع اصحابي ويطول الحديث ومن ثم يطرق البعض منهم الى مايطرحه الشيخ الرافضي على شاشات التلفاز وبخصوص التوحيد واحدهم قال لما لم تتبابع برنامج على قناة الكوثر المجوسية ومن ثم قال يخرج المصادر من الجماعة وليس من الكتب الشيعية ويبدأ الحديث حول مايطرح فطرحوا عدة امور وانا لاتوجد عندي الحجة في الرد عليهم واليكم ما اتوا به الي من كلام واعطوني الكلام وحددوه لي وانا بدوري سوف انقله لكم لتعينوني في الرد عليهم وقالوا اما هذا حق واما نحن حق فقلت لهم انا آتي لكم بالرد من مشايخنا
واليكم
مقدم البرنامج : هل هناك شواهد أخرى في كلمات ابن تيمية وأتباعه يعني أتباع نهجه دالة على إثبات التجسيم لله تعالى في نظرهم.
الشيخ الرافضي كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع تحدثنا في الحلقات السابقة بشواهد وبينا هناك أن هناك شواهد متعددة لإثبات هذه الحقيقة، وهي أن الشيخ ابن تيمية والوهابية الذي هم يعدون ثمرة من ثمرات نهج الشيخ ابن تيمية وهذا ما صرحوا به هم أن محمد عبد الوهاب يعد أثراً من آثار الشيخ ابن تيمية، هؤلاء يعتقدون بأن الله سبحانه وتعالى له جسم. نعم، من خلال كلماتهم ينفون التشبيه والتمثيل، يعني لا يعتقدون أنه جسم كالأجسام ولكنه يعتقدون أنه جسم لا كالأجسام، بعبارة أخرى هؤلاء يقولون أنه لو لم يكن الحق سبحانه وتعالى جسماً لكان معدوماً، هذه من الحقائق الثابتة في نهج هؤلاء في مسألة الصفات الخبرية. وإن شاء الله تعالى وقد تقدم مجموعة من الشواهد تثبت هذه الحقيقة، وفي هذه الليلة إن شاء الله تعالى سنشير إلى جملة أخرى من الشواهد التي تثبت هذه الحقيقة، أنا بودي هنا في المقدمة أن اشير إلى هذه النقطة وهي أن علماء المسلمين في مسألة إثبات الجسمية لله، أعزائي عندما نقول الجسمية ليس الحديث في اللفظ أنه هل يصح إطلاق الجسم على الله أو لا يصح، هذه مسألة فقهية ونحن لا نبحث الآن في مسألة فقهية هل يجوز أو لا يجوز، هل نطلق أو لا يجوز الإطلاق، وإنما البحث في مسألة كلامية وهي أن الله سبحانه وتعالى هل له جسم أو ليس له جسم، ما هو المراد من الجسم؟ أولئك الذين يقولون بأن الله له جسم مقصودهم أن له طول عرض وعمق ويشغل حجماً وحيزاً وله وجود في مكان معين وفي جهة معينة، وأنه يصعد وينزل، وأنه يتحرك وأنه .... وأن له ثقل إلى غير ذلك، قد البعض يتألم عندما نقول وزن لذا نقول له ثقل.
المشاهد الكريم أعزائي المشاهدين والمستمعين بودي أن يلتفت إلى هذه النكتة، ليس البحث في أنه يصح الإطلاق أو لا يصح الإطلاق حتى نحرف البحث إلى جهة فقهية، وإنما البحث في جهة كلامية عقدية وهو أنه له هذه الخصوصيات، له سكون وحركة، له نزول وصعود، له جهة، له حيز، له مكان، أو ليس له، البحث في هذه النقاط، في هذه المسألة علماء المسلمين على اتجاهات ثلاثة:
الاتجاه الأول: وهو الاتجاه العام بين علماء المسلمين، من علماء المدارس والأئمة الأربعة وغيرهم والأشاعرة وغيرهم يقولون أن الله ليس بجسم على الإطلاق، يعني ينزهونه عن الجهة، وعلى هذا الأساس ينفون عنه الجهة والحيز والمكان والنزول وهذه الصفات الخبرية حيث لا يحملونها على معاني تؤدي إلى الجسمية.
الاتجاه الثاني: وهم المجسمة والمشبهة يعني يقولون أن له جسم كأجسامنا وله يد كأيدينا وله وجه كوجهننا وله رجل كأرجلنا وله عين كأعيننا وهكذا، وهذه هي نظرية المجسمة المشبهة. وهذه واضحة أنها باطلة عند جميع علماء المسلمين.
الاتجاه الثالث: وهو الاتجاه الذي يحاول أن يؤسس له الشيخ ابن تيمية في مختلف كتبه ومؤلفاته وهو أن يثبت الجسمية وإن كان لا يصرح في بعض الأحيان بها، وإن كان لا يقول أنه جسم ولكن يقول كل اللوازم، يثبت له صفات خبرية هذه الصفات الخبرية يفسرها تفسيراً ليس لها معنى إلا الجسمية. ليس بحثنا مع الشيخ ابن تيمية وأتباع الشيخ ابن تيمية أنه في أي مكان عبر أن الله جسم أو ليس بجسم، بحثنا كيف وقرأ وفهم الصفات الخبرية، يعني صفات اليد والرجل والعين والصورة والساق والقدم والأصابع ... الشيخ ابن تيمية فهم هذه الصفات الخبرية فهماً لازمها الجسمية، وليس بحثنا في أن هذا الجسم يتبعض أو لا يتبعض، يتجزأ أو لا يتجزأ، هل يمكن فصل أجزائه عن بعض أو لا، هل له لحم ودم أو لا، ليس بحثنا في هذا، أخواني الأعزاء أولئك الذين يريدوا أن يفهموا نظرية الشيخ ابن تيمية وهم يدعون جهلاً أنهم من أتباع ابن تيمية هؤلاء لم يفهموا ماذا يريد الشيخ ابن تيمية في مبانيه، ليس الكلام في أنه يطلق عليه جوهر أو لا، مركب من جزأين أو لا، متبعض أو لا، متجزأ أو لا، الكلام ليس في هذا، الكلام في أنه له طول أو عرض أو جهة ... والشيخ ابن تيمية يصرح ويصرخ بأعلى صوته أني التزم بهذه الصفات وإن لزم منها التجسيم وإن كان جسم لا كالأجسام. أين يقول ذلك؟
إذا يتذكر المشاهد الكريم في الحلقة السابقة عندما بينا الملاحظات المنهجية في هذا المجال قلنا من المنطقي جداً لمن يوجد عنده تراث كثير كالشيخ ابن تيمية لا نكتفي بكتاب واحد وإنما نحاول أن نستقرأ كل ما قاله في هذا المجال.
من الموارد التي تكلم فيها في هذا المجال، ما ورد في كتاب وصلني أخيراً وهو (آثار شيخ الإسلام ابن تيمية، رقم 16، جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية) تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق محمد عزير شمس، إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد، دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى سنة 1429هـ، هذا الكتاب يعد من كتبه الأساسية ولكنه ناقص كما يقولون، يقول محقق الكتاب: (ذكرنا فيما سبق أن الكتاب كان في أربعة مجلدات ويعد من المؤلفات الكبار للشيخ وقد أحال عليه في كتبه الأخرى ويعتبر بيان تلبيس الجهمية تتمة لمباحثه) يعني ذاك الكتاب الذي يقع في عشرة مجلدات تتمة لهذا الكتاب، (وكتاب هذا شأنه لابد أن يكون من أهم مؤلفاته في باب العقيدة وبيان مذهب السلف في الصفات) هنا هذا الرجل في (ص151)، أنا في بعض الأحيان مضطر إلى قراءة العبارة ولو بطولها حتى لا يقال أني أبتر العبارات، وإذا وجدتم في بعض الأحيان نحن نبتر العبارة باعتبار أنا شرحنا العبارة في حلقات سابقة فعندما نريد أن نلخص الحديث نذكر الشاهد فقط، ينبغي حفظ الأمانة العلمية لمن يدعي الأمانة العلمية.
يقول: (وهو إن قال ظاهر النصوص أن صانع العالم متميز عن المخلوقات بائن عنها) هذا الذي إذا تتذكرون نحن في بحث الحد قلنا أن الله بائن عن خلقه لكن لا كبينونة شيء عن شيء وإلا هؤلاء تصوروا لا تثبت البينونة إلا بالحد، نحن قلنا لا يشترط أن يكون الحد ثابت لكي تتحقق البينونة، لا تشترط المحدودية حتى تتحقق البينونة، هذا بحث تقدم. التفتوا جيداً إلى عباراته حتى لا نتهم بتقطيع العبارة، قال: (وأن ذاته) ذات يعني حقيقته ووجوده (وأن ذاته وحقيقته فوق حقيقة المخلوقات وذواتها) إذن له مكان وجهة هو فوقها هذه هي الفوقية المكانية (بحيث يرفع الناس أبصارهم وأيديهم إليه تعرج الملائكة والروح إليه، وعرج بالرسول إليه وتصعد أرواح العباد وأن الناس يمكن أن يروه يوم القيامة بأبصارهم) بهذه الأعين، لا ببصائرهم (فوق رؤوسهم) أريد أن ابين أن الرجل يعتقد أن الله في جهة ومكان معين (ويشيرون إليه بأبصارهم وأيديهم وأنه فوق الأمكنة كلها) إذن له مكان ومكانه فوق العرش، كما يقال أن العرش هو سقف عالم السموات والأرض وأن الله فوق العرش (وأنه خلق آدم بيديه اللتين هما اليدان)، يعني اللتان هما اليدان، أنا أعتذر للمشاهد الكريم أنا عندما قلت اليدان شبه، لا، اريد أن أقول أنه يقول بالتشبيه، لا، بل مقصودي أن الحق سبحانه وتعالى له يدان حقيقيتان، أعزائي لا اريد أن أستبق الأبحاث، سيأتي البحث، أحد أئمة الوهابية المعاصرين في كتابه، وهذا ما أخذه من شيخه ابن تيمية، في كتاب (مجموع وفتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، ج1، فتاوى العقيدة، ص16) وهو من كبار أعلام مدرسة ابن تيمية وكبار أتباع محمد بن عبد الوهاب في هذا الكتاب قال: (فقال أهل المدرسة الأولى) وهي مدرسة ابن تيمية وبعد ذلك سأشرح (يجب أبقاء معناهما على ظاهره، بل يداه مبسوطتان، ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، وإثبات يدين حقيقتين لله تعالى على وجه يليق به).
هذا يثبت التجسيم ولا يثبت التشبيه، لماذا؟ لأنه يثبت أن له يدان لا إشكال، ولكن لا كالأيدي، يعني يد لا كالأيادي، حتى أنه نكون منصفين، أنا أريد أن أقف على كلماتهم بلا أن أزيد عليها.
قال: (وأنه فوق الأمكنة كلها وأنه خلق آدم بيديه اللتين هما اليدان وأنه استوى فوق العرش فارتفع عليه وعلا عليه وذاته فوق ذات العرش ونحو ذلك ... وهو إن قال قلنا: هذا مسلم) نعم، لا يوجد بحث عن أنه جسم أو ليس بجسم، ولكن كل هذه تستلزم الجسمية، لا يقول لي قائل: يعني تستلزم الجسمية يعني متبعض متجزأ مركب، لا أبداً، وإنما أصل المكان وهي أن له مكان وجهة وأنه في موضع معين، هذا المورد الأول.
المورد الثاني في كتاب آخر لشيخ الإسلام بتعبير الوهابية أو لمن أعطاه هذا المقام في كتابه (التسعينية، ج3، ص789) دراسة وتحقيق الدكتور محمد بن إبراهيم العجلان، عضو هيئة التدريس في قسم العقدية والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ج3، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى 1420هـ قال: (قال أبو عبد الرحمن سمعت أبي يقول قلت لأبي العباس ما التوحيد؟ قال: توحيد أهل العلم وجماعة المسلمين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله، وتوحيد أهل الباطل الخوض في الأعراض والأجسام وإنما بعث النبي صلى الله عليه وآله بإنكار ذلك) يعني بإنكار الخوض في الأعراض والأجسام، يعني لا ندخل فيها لا إثباتاً ولا نفياً. أنا لا أريد أن أقول أن هذا الكلام صحيح، أنا اريد أن أقرأ تعليقة الشيخ ابن تيمية، ذاك كان كلام أبي عبد الرحمن، أنا مضطر أن أوضح بهذه الصورة لأن يظهر أن بعض من يتابع هذا البرنامج ليس من أهل الدقة أو ممن يحاول أن يتغافل في هذا المجال. يقول: (هذا موافق لما تقدم، فبين) أبو عبد الرحمن (فبين أن الخوض في الجسم والعرض) إلى هنا كان كلام أبو عبد الرحمن التفتوا ماذا يضيف إليه، (فبين أن الخوض في الجسم والعرض ونفي ذلك) هذه نفي ذلك لم تكن في كلام أبي عبد الرحمن، هو جعلها كأن أبو عبد الرحمن قال نفي الجسمية، قال: (وجعل ذلك من التوحيد هو من قول أهل الباطل) يعني ماذا يريد أن يقول؟ التفتوا لي رجاءً لأن البحث في دقة، يريد أن يقول أن نفي الجسمية هو قول أهل الباطل، نحن قرأنا في علم المنطق وفي الفلسفة أن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان، كما قالوا أن النقيضين يعني النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان، عندما يقول أن نفي الجسمية قول أهل الباطل فما هو قول أهل الحق. لا يمكن وإلا يلزم ماذا، إذا كان نفي الجسمية قول أهل الباطل وإثبات الجسمية قول أهل الباطل يلزم ارتفاع النقيضين.
أنا أسال الشيخ ابن تيمية في النتيجة أنت إما معتقد بإثبات الجسمية أو بنفي الجسمية، ولا يمكن أن تقول أنا لست معتقداً لا بالإثبات ولا بالنفي. هذا السؤال يوجه إلى علماء أتباع ابن تيمية، أن يقال لهم للذين يتصدون ويتكلمون يقال لهم ماذا تقولون تثبتون الجسمية أو تنفون الجسمية. لا يتهربوا يميناً ويساراً إن كان بمعنى كذا فهو كذا، هذا تهرب من السؤال، بشكل واضح وصريح، توضيح واضح إما أن تؤمنون بالجسمية وإما أن تنفونها. عندما تسألونا عن هذا فنحن ننفي الجسمية وليس نحن بل كل علماء المسلمين، ولكن الشيخ ابن تيمية كيف يدخل نظره.
يقول: (فبين أن الخوض في الجسم والعرض ونفي ذلك وجعل ذلك من التوحيد هو من قول أهل الباطل فكيف بمن جعله أصل الدين) يعني جعل نفي الجسمية أصل الدين، يعني علماء المسلمين جميعاً (كما قال شيخ الإسلام) مراده من شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي كما يعبر عنه.
هذا الشاهد الثاني يقول بأن نفي الجسمية والعرض، المهم في الجسم، هو لا يؤمن في أن الله عرض بل يقول أنه جسم، نفي الجسمية يقول هو من قول أهل الباطل، أعيد العبارة مرة ثالثة، (هذا موافق لما تقدم فبين أن الخوض في الجسم والعرض ونفي ذلك) هذا ونفي لا يوجد في عبارة أبي عبد الرحمن التي نقلها (وجعل ذلك من التوحيد هو من قول أهل الباطل) يعني نفي الجسمية من قول أهل الباطل، يعني نقيضه لابد أن يكون حقاً وأهل الحق هو إثبات الجسمية.
الشاهد الثالث، هذا الشاهد من الشواهد الواضحة والتي يرددونها ليل نهار في كل مكان، بودي أن المشاهد الكريم أن يلتفت لكي تتضح له الصورة جيداً.
هؤلاء عندما يأتون إلى الصفات الخبرية من قبيل اليد والوجه والمجيء والنزول والقدم والأصابع والساق وغيرها، التي يعبرون عنها بالصفات الخبرية، هذه الصفات دائماً يقولون أننا نلتزم نمررها على ظاهرها ونلتزم بظاهرها ولكن بشرط أن لا يلزم ... بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، دائماً يكررون هذه القيود الأربعة، يقولون نحن نقول أنه له يد حقيقية بلا تعطيل وبلا تحريف، مرادهم من التحريف يعني التأويل، وبلا تكييف يعني لا نعرف الكيفية، ولذا قلت بأنه لا يمكن أن ننسب إليهم أنهم يقولون يد كهذه، بلا تكييف يعني لا نعرف كنه هذه اليد، وبلا تمثيل يعني لا نمثلها ونقول يد كأيدينا، ولذا بعض الأحيان يعبرون بلا تمثيل وأخرى يقولون بلا تشبيه، وإن كانوا يقولون أن الأدق أن نقول بلا تمثيل ولا نقول بلا تشبيه، وهذا ما يصرح به أحد أئمتهم المعاصرين كما ذكرنا مراراً وتكراراً وهو الشيخ العثيمين في كتاب (مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، ج1، ص179): (وسئل أيهما الأولى التعبير بالتمثيل أم التعبير بالتشبيه فأجاب قائلاً التعبير بالتمثيل خير من التعبير بالتشبيه لوجوه ثلاثة ... والوجه الثاني والوجه الثالث، أن التشبيه لا يصح نفيه على الإطلاق) وهذا سيأتي بحثه في محله، إذن تبين أن هؤلاء أيضاً كما لا ينفون التجسيم عن الله مطلقاً لا ينفون التشبيه عن الله مطلقاً. هذا بحث الآن لا اريد أن أدخله لأنه قد يتعمق البحث ويخرج عن وضعه الطبيعي الذي هو لمثل هذه الأبحاث ولا أحتاجه.
قال: (أن التشبيه لا يصح نفيه على الإطلاق لأنه ما من شيء إلا وبينهما قد مشترك) يعني بيننا وبين الله يوجد قدر مشترك، ومع ذلك يقرأ وليس كمثله شيء، والمهم أنهم يقولون أنه بلا تمثيل ولا نقول بلا تشبيه.
إذن الأمر الأول الذي لابد أن يلتفت إليه أن هؤلاء يقولون نثبت اليد والأصبع والقدم والوجه والرجل والجلوس والقعود والقيام والثقل ولكن بلا تعطيل وبلا تحريف وبلا تمثيل وبلا تكييف.
لمراجعة هذه الاصطلاحات وما هو المراد منها في كتاب (عقيدة السلف وأصحاب الحديث أو الرسالة في اعتقاد أهل اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والائمة، ص162) تأليف الإمام الصابوني، المتوفى 449هـ، دراسة وتحقيق الدكتور ناصر بن عبد الرحمن بن محمد الجديع، دار العاصمة، الطبعة الثانية سنة 1419هـ، يقول في الحاشية: (المراد بالتشبيه إما تشبيه الخالق بالمخلوق وإما تشبيه المخلوق بالخالق، المراد بالتحريف هو التأويل، والمراد بالتكييف تعيين كنه الصفة، والمراد بالتعطيل جحد الصفات) يعني أن ينكر هذه الصفات الثابتة لله.
سؤال: قد يقول لنا قائل بأنه جيد جداً هؤلاء عندما نفوا التكييف والتمثيل عن الله إذن في الضمن نفوا التجسيم عن الله، لماذا؟ لأنه إذا قالوا أن الله ليس له مثل إذن هو جسم أو ليس بجسم، إذا كان جسم يكون له مثل، إذن عندما نفوا المثلية وعندما نفوا التشبيه فقد نفوا الجسمية، هذا قد يقوله بعضهم إذا خرج على القنوات وأراد أن يتكلم حتى نجيبه مسبقاً.
شيخ الإسلام ابن تيمية يعني شيخهم في هذا المجال يقول: (لا ملازمة بين نفي التشبيه والتمثيل وبين نفي التجسيم) يعني ليس كل من نفى التمثيل عن الله والتشبيه عن الله ينفي الجسمية عن الله، لعله شخص وكما هم ينفون التمثيل والتشبيه ولكن يلتزمون بالتجسيم. إذن لا يأتي قائل غداً ويقول لنا أن هؤلاء عندما نفوا التمثيل والتشبيه إذن فقد نفوا التجسيم. الجواب. كلا. هذا إمام الوهابية ومؤسس مبانيهم العقدية في كتابه (درء تعارض العقل والنقل) مرة أخرى وإن كنت أكرر في هذه الليلة، أنا عندما قلت أنه عندما نريد أن ننقل نظرية ابن تيمية لابد من مراجعة تراثه بهذه الطريقة، إذا أراد أحد أن يناقش نظرية أحد أعلام مدرسة أهل البيت فلابد أن يراجع تمام تراثه لا أنه يدعي يميناً ويساراً.
في كتاب (درء تعارض العقل والنقل، ج2، ص405) تحقيق محمد رشاد سالم، قال: (وفي الجملة الكلام في التمثيل والتشبيه) وهذا كما يقولون في اللغة العربية هذا عطف تفسير، يعني أن المراد من التشبيه هو التمثيل، وأن المراد من التمثيل هو التشبيه، ولكن كما قال العثيمين قال الأفضل أن نعبر بالتمثيل وأن كان المراد شيء واحد. (وفي الجملة الكلام في التمثيل والتشبيه ونفيه عن الله مقام والكلام في التجسيم ونفيه مقام آخر) يعني لا يتبادر إلى ذهن أحد إذا نفينا التمثيل والتشبيه عن الله فقد نفينا الجسمية، قد ننفي كما نفى ابن تيمية ونفى أتباعه قالوا نقول بأن الله ليس له مثيل، وليس له شبيه، ولكن هذا لا يلزم منه ليس له جسم، له جسم ولكن جسم لا كالأجسام، واضح، إذن لا يأتي قائل ويخرج على الفضائيات ويقول لنا، لا، لماذا تتهمون هؤلاء، هؤلاء ينفون التشبيه والتمثيل، الجواب كما يقول إمامهم ومؤسس اعتقاداتهم لا ملازمة بين الأمرين.
إلى هنا اتضح للمشاهد الكريم، أنا أريد في هذه الليلة أن أنقل للمشاهد الكريم مجموعة من كلمات الشيخ ابن تيمية وأتباعه لترون أنهم يصرون عندما يذكرون الصفات الخبرية يعني اليد والرجل والقدم والساق وغيرها يصرون أنها بلا تحريف وبلا تعطيل وبلا تكييف وبلا تمثيل ولكن لا يوجد في كلام ولا أي واحد منهم وبلا تجسيم. وهنا يطرح السؤال وهو أن هؤلاء لو كانوا يعتقدون بأن الله ليس بجسم لصرحوا وقالوا بلا تجسيم كما صرحوا وقالوا بلا تكييف وبلا تحريف وبلا تمثيل وبلا تعطيل.
لا يقول لي قائل: هم لم ينفوا ولكن ليس دليلاً على أن يثبتوا.
الجواب: لا، لأن المقام مقام أن يبين رأيه أما بهذا الاتجاه وإما بهذا الاتجاه، لأنهم قالوا نحن لا نقبل التكييف ولا نقبل التمثيل ولا نقبل التشبيه، ولا نقبل التعطيل ولا نقبل التحريف، الجسمية تقبلونها؟ إذا كانوا كما يحاول بعض من لا أريد أن أعبر منهم بالجهلة لأن الجهل يتبرأ من هؤلاء، الجهل إذا كان له لسان يقول لماذا تنسبون إلينا من هو أدنى من مقام الجهل.
أخواني الأعزاء اذهبوا إلى كلمات علمائكم لتروا أن هؤلاء لو لم يكونوا مجسمة لصرحوا ولو لمرة واحدة أن يقولوا بلا تجسيم، والآن أقرأ للمشاهد الكريم جملة من هذه الكلمات:
المورد الأول كما وعدنا المشاهد الكريم نحاول أن لا نقرأ كلمات الشيخ ابن تيمية من كتاب واحد وإنما من مجموعة مصادره (سلسلة منشورات مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع، رقم 35، شرح الأصبهانية، ص34) وهو شرح عقيدة مختصرة لأبي عبد الله محمد بن محمود بن محمد بن عباد العجلي الأصبهاني الأشعري، المتوفى 688هـ، تأليف الشيخ ابن تيمية، تحقيق الدكتور محمد بن عودة السعوي، دار المنهاج، دار جودة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى سنة 1430هـ، يقول: (فالذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها) هذه الإجماعات عرفنا في سابق الأبحاث وسيأتي في لاحق الأبحاث في كثير من الموارد أنها ليست مطابقة للواقع لأن سلف الأمة لم يقولوا بذلك، وسيتضح في مسألة التجسيم أنه لم يقل أحد منهم بما يقوله الشيخ ابن تيمية، سيتضح أن هذا رأيه وليس رأي الأئمة الأربعة ولكن ينسبه إلى الأئمة. (فالذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل) ولا تجسيم؟! لا، لا يوجد أبداً. قد تقول هذا لا يثبت أنه يثبت، أقول: لا، هذا يثبت لأنه في مقام بيان عقيدته، لو كان هو كذلك فلا يشير هذا هذه أيضاًَ، بل اشار إلى هذه لأنه يريد أن يقول أن هذه عقيدتي، وبعبارة اصولية أنه في مقام البيان لعقيدته، وإذا صار في مقام البيان فلابد أن يذكر كل القيود التي يعتقد بها، وحيث أنه لا يعتقد بالتعطيل ولا بالتكييف ولا بالتمثيل ولا بالتحريف ذكرها، أما حيث أنه يعتقد بالجسم ولو جسم لا كالأجسام لم يشر إليها هنا.
هذا من قبيل أن الرسول صلى الله عليه وآله صار في مقام بيان حقيقة الصلاة وقال أن الصلاة لها هذه الأجزاء والذي يبطلها هذه الموانع، بعد لا يمكن أن نقول أن أجزاء أخرى لم يشر إليها، لا أبداً، بل هو في مقام البيان، سواء كان الإطلاق الحكمي أو الإطلاق المقامي، على ما يعرفه أهل الاصول. هذا هو المورد الأول.
المورد الثاني ما ذكره أيضاً هو في (مجموعة الفتاوى، المجلد 6، ج11، ص139) اعتنى بها وخرج أحاديثها عامر الجزار، وأنور الباز، قال: (من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل) حتى أمر مروراً سريعاً ويتضح أن هذه هي كلماتهم.
وكذلك ما ورد في (مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة، ج1، ص137) لعبد الرحمن بن باز وهو أحد أئمة الوهابية المعاصرين، قال: (والواجب على المسلم أن يسلك في هذه الآيات وما في معناه) يعني الآيات التي تتعرض للصفات الخبرية (من الأحاديث الصحيحة الدالة على أسماء الله وصفاته مسلك أهل السنة) وسيتضح أن هذا ليس مسلك أهل السنة (وهو الإيمان بها واعتقاد صحة ما دلت ... من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل) ولا يوجد فيها ولا تجسيم.
إذن هنا أيضاً لا ينفون الجسمية.
وكذلك ما ذكره الإمام ابن باز في (فتاوى نور على الدرب، ج1، ص50) مدار الوطن للنشر، يقول: (وإنما يمرون آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ...).
إذن أنا فقط إنما أريد أن أعدد حتى أقول ... قد يقول قائل سيدنا لعلهم غفلوا، لا لا، بل هناك إصرار منهم على أنه هذه هي الحقيقة ولا ينفون ...
ثم قد يقول قائل: هم لا يقبلون التجسيم.
الآن توجد عندهم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، وهم يمثلون الوهابية والاتجاه الوهابي وخط ومدرسة ابن تيمية أن يصدروا بيان نحن لا نؤمن بأن الله جسم. كونوا على ثقة غداً أنا أغلق البحث, ولكن نحن كل هذا الحديث الذي تكلمناه وأثبتنا أنهم يقبلون المحدودية ويقبلون الجهة والحد ويقبلون المكان والنزول والصعود، كلها يقبلونها وهذه هي صفات الأجسام، ومع ذلك لا يوجد متكلم واحد يعتنى بكلامه ويمكن أن يقال أنه من العلماء وتكلم بهذه القضية.
نعم، بعضهم هنا وهناك يقول شيء ولكنه في اعتقادي لا فقط لا نفهم ما يقول بل لا يفهم هو ما يقول.
في (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ج3، العقيدة) جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش، دار المؤيد، بعد أن يشير إلى الصفات الخبرية يقول: (ولا شك أن الحق مع السلف ومن تبعهم في إثبات معاني النصوص حقيقة) يعني لا يمكن أن تحمل على غير الحقيقة، تحمل على اليد التي نعرفها ولكن لا كالأيادي (من غير تكييف ولا تمثيل له بخلقه ولا تأويل ولا تعطيل لأن الأصل الحقيقة ولا دليل على العدول عنها فكان السلف بذلك اسعد بالدليل وبالله التوفيق، اللجنة الدائمة، عبد الله بن سعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق العفيفي، وابن باز).
وفي مكان آخر بل يثبتون لله ما دلت عليه حقيقة من غير تكييف ولا تشبيه ومن غير تأويل ولا تعطيل. وعشرات المصادر التي تكلمت عن هذه الحقيقة.
إذن فتحصل أعزائي وإن كان هذا جواب السؤال الأول طال كثيراً ولكنه كان مهم، وهو أن كل الشواهد الدقيقة والعلمية تثبت أن الشيخ ابن تيمية وأتباعه الشيخ ابن تيمية يعتقدون بالصفات الخبرية ويفسرونها، وإلا الجميع يعتقد بهذه الصفات، لأنه آيات صريحة في القرآن، نعم لا نقبل تفسير الشيخ ابن تيمية لهذه الآيات والروايات، يعني نحن نعم نقبلها وهل يمكن لأحد أن ينكر ما ورد في القرآن الكريم والنصوص الصريحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله، نعم هذا التفسير الذي تقدموه للصفات الخبرية نحن لا نقبله، هذه مجموعة من الشواهد، ولعله إذا وفقنا هناك شواهد في الآيات والروايات تثبت ما ادعيناه على هذه المدرسة وعلى هذا الاتجاه.
المُقدَّم: هنا يأتي سؤال سماحة السيد هل أن ابن تيمية وأتباعه يمثلون نفس مدرسة الصحابة وأهل السنة أم أن لديهم منهج آخر يختلف عن منهج مدرسة الصحابة وأهل السنة.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا السؤال بودي أنه وإن كان سؤال منهجي ولكن يرتبط ببحثنا، هذا السؤال من الأسئلة الأساسية، وهنا أؤكد للمشاهد الكريم فليقف على هذه النقطة، في الآونة الأخيرة من خلال المواقع ومن خلال القنوات والفضائيات يحاول أتباع ابن تيمية، أؤكد مرة أخرى أتباع ابن تيمية، أتباع شيخ الإسلام ابن تيمية، ولذا هذه قضية لا بد أن يلتفت لها، أنا عندما أقول الإمام وشيخ الإسلام والحافظ باعتبار أنه مكتوب على هذه الكتب، وهذا ليس معناه أني معتقد بهذه العناوين، لا أبداً، ولذا لا يحاول البعض أن يتصيد في هذا المجال، أبداً، وإنما احتراماً عندما نريد أن نخاطب ونتحاور مع الآخر هم كتبوا على كتابه العلامة، نقول العلامة، هم كتبوا الإمام نقول الإمام، هم كتبوا شيخ الإسلام نقول شيخ الإسلام، ولكن نحن نعتقد أنه شيخ الإسلام الأموي وليس شيخ الإسلام السلفي بالمعنى الذي يحاول البعض ان يوجهه.
في الآونة الأخيرة وجدنا أن هؤلاء يحاولوا أن يسوقوا، من أين أقول أتباع ابن تيمية، هذا المعنى أشرت له سابقاً وأؤكده مرة أخرى، (السبائك الذهبية بشرح العقيدة الواسطية) لفضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن محمد الغنيمان، دار ابن الجوزي. سيدنا تعتقد أن محقق؟ أقول: بيني وبين الله لا أعرف صحة وعدم صحة هذا العنوان، تعتقد أنه علامة؟ أقول بيني وبين الله لا أثبت ولا أنفي، لأني لا أعرف عنه إلا أن اسمه كتب على هذا الكتاب واحتراماً للكاتب نقرأ ما وجد على الكتاب، هذا هو المنهج العلمي لا أنه إذا أردنا أن نذكر اسم الشيخ الصدوق نعلق عليه بخمسة عناوين الكذاب الكذا، نريد أن نذكر العلامة المجلسي نقول العلامة في الكذب، نريد أن نقرأ الشيخ المفيد نقول ... هذا الأسلوب كما تعلمتم وبحمد الله تعالى وأسسنا لكم منهجاً علمياً أنكم تأتون بالكتب وتقرأون منها للناس، لا أن تضعوها أمامكم للديكور، البعض يحاول أن يأتي بالكتب ويضعها أمامه للديكور، والشاهد على ما أقوله أنه لا يستعمل منها واحد اثنين ثلاثة ولا يستعمل أكثر، هذا يكشف عن أنها قضية ديكورية.
أعزائي هذه الكتب لابد أن تستعمل بشكل دقيق وعلمي وبالمواصفات التي أشرت إليها.
يقول: (ولكن الناس سموه بذلك ومثله) يعني من يرى أنه شيخ الإسلام، ابن تيمية، وقد سماه الناس (ومثله مثل محمد بن عبد الوهاب ما كان يسمي نفسه ذلك) يعني شيخ الإسلام (وإنما سمي للأثر الذي قام به والواقع أن دعوة الشيخ محمد امتداد لدعوة الشيخ ابن تيمية وأثر من آثارها). واقعاً أنا عندما أقول الوهابية أتباع ابن تيمية هم يقولون. قد يقول قائل: لا، نحن أتباع أصحاب السلف الصالح. نقول: والله، قولوا نحن لا نتبع محمد بن عبد الوهاب، أنتم تقولون أننا وهابية، أنتم تقولون أن الدعوة الحقيقية عند محمد بن عبد الوهاب. ولذا بيني وبين الله وهذا للقارئ وللمنصف وللمحقق، إن كان ابن تيمية حقاً فيكون محمد بن عبد الوهاب حسنة من حسنات ابن تيمية، وإن كان باطلاً ابن تيمية فيكون محمد بن عبد الوهاب سيئة من سيئاته.
لا يقول لنا قائل: لماذا سيدنا، أليست هذه اساءة.
الجواب: لا والله، أنا أريد أن أقول بانه إن كنتم تعتقدون أن الشيخ ابن تيمية هو على الحق فإذن محمد عبد الوهاب حسنة من حسنات هذا الرجل. وإن كان البعض كما نحن نعتقد أن هذا الرجل أسس للنهج الأموي في التوحيد وفي النبوة وفي الإمامة وفي الحكم وفي السياسة وفي الولاية لأهل البيت وفي محبة أهل البيت إذن يكون تبعاً لذلك.
يقول: (امتداد لدعوة الشيخ وأثر من آثاره لأنه تخرج على كتبه) ولذا نحن مراراً ذكرنا أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يوجد عنده شيء من عنده، بل كل ما عنده مأخوذ من ابن تيمية (فهؤلاء انتفعوا بكتبه ولا زالوا ينتفعوا ...).
وبالنسبة لسؤال الدكتور وهو سؤال مهم جداً، وهو أنه هل أن مدرسة ابن تيمية مدرسة مستقلة عن مدرسة أهل السنة أم هي نفس المدرسة ولا تختلف عنها إلا في بعض الأمور الجزئية؟
الجواب: أن الوهابية عندما وجدوا أن العالم الإسلامي بعقيدته وبفقهه يتجه باتجاه وأن محمد بن عبد الوهاب تبعاً لابن تيمية يتجه باتجاه آخر حاولوا أن يسوقوا الشيخ ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب أنهما مدرسة أهل السنة. لماذا؟ لأنهم كانوا يعرفوا أنهم إذا لم يبينوا هذه الحقيقة فيعدون أقلية والمسلمون أكثرية. فلهذا حاولوا أن يربطوا أنفسهم، بل أن يسوقوا أنفسهم بعنوان أنهم الأكثرية لا أنهم الأقلية، مع أن كتبهم واضحة على أنهم هم هي مدرسة غير مدرسة أهل السنة.
هذا كتاب من أهم كتبهم في هذا المجال وهو ما ورد في كتاب (نقض عقائد الأشاعرة والماتردية) تأليف خالد بن علي المرضي الغامدي، دار أطلس الخضراء، الطبعة الأولى سنة 1430هـ، يقول: (فهذا مصنف عظيم النفع وضعته لمسيس الحاجة إلى مثله لأخواني المسلمين من أهل السنة ... وموضوعه في بيان عقيدة الأشاعرة أتباع أبي الحسن الأشعري والماتريدية أتباع أبي منصور الماتريدي ومذهبهم في أركان الدين وأصوله في أبواب الاعتقاد ومسائل التوحيد والعقيدة ومنهجهم في ذلك وموقفهم من التوحيد والشهادتين وبيان تلبيسهم على المسلمين) وأنتم تعلمون أن أكثر المسلمين من هؤلاء. وهذا لم أقله أنا، إذن يتهمهم بالتدليس.
وفي (ص7) يقول: (وأما سبب تأليف هذا الكتاب انتشار هذا المذهب) أي مذهب؟ الأشاعرة والماتردية (حتى عم أكثر بلاد المسلمين حتى لا تكاد ترى حنفياً إلى ماتردياً ولا شافعياً ومالكياً إلا أشعرياً) فلم يبقَ إلى بعض الحنابلة الذين اتبعوا ابن تيمية فلهذا ماذا حاولوا من الناحية الاجتماعية والفكرية والنفسية والايديولوجية؟ حاولوا أن يسوقوا أنفسهم على أنهم الأكثرية، مع أن الواقع أنهم ليسوا الأقلية بل أقلية الأقلية، لذا يقول: (أصبح مذهب أهل السنة والسلف مقصوراً عند كثير من هؤلاء في الحنابلة فقط) ومقصوده من أهل السلف يعني أتباع ابن تيمية، لأنه بعد ذلك يصرح ويقول (وأفضل من كتب في هؤلاء القوم شيخ الإسلام في كثير من مصنفاته) ثم يقول: (الجهل بحقيقة هذا المذهب) يقول كتبت هذا الكتاب لأبين الجهل بحقيقة هذا المكتب (حتى ظن الكثير أن المخالفات معهم يسيرة وأدخل هذين المذهبين في أهل السنة وهذا كلام باطل ودعوى كاذبة إذ ليسوا من أهل السنة) إذن أيها المسلمون في العالم يا علماء الأزهر، أيها الأحناف والمالكية والشوافع والصوفية والأباظية والزيدية كلكم لستم من أهل السنة، فقط أهل السنة هؤلاء الأربعة. والعجيب يتهمون شيعة أهل البيت يقولون بأن علماء مدرسة أهل البيت يقولون أن كل المسلمين أهل بدعة وأهل ضلال، أنتم تقولون أنهم أهل بدعة.
يقول: (فهذا كلام باطل ودعوى كاذبة إذ ليسوا من أهل السنة، وأهل السنة من كل مبتدع براء) يعني كل الأشاعرة والماتردية مبتدعة (وإن كان يطلق عليهم السنة في مقابل الرافضة). يعني إذا دار الأمر أن نقبل الرافضة أو هؤلاء، نقبل هؤلاء، أنتم الآن اذهبوا إلى المناطق التي يوزعون فيها الكتب لا يوزعون إلا كتب ابن تيمية.
ومن التصريحات الواضحة في هذا المجال، لأبين للمشاهد الكريم هذه الحقيقة بما لا مجال للبحث فيه. وهو أنه ما ورد في كتاب (سلسلة من تراث العلماء، تحكيم الناظر فيما جرى من الاختلاف بين أمة أبي القاسم) تأليف الأستاذ الشيخ العلامة صالح بن أحمد، نزيل المدينة، قرأها وقدم لها سماحة العلامة عبد العزيز بن باز، العلامة الشيخ عبد الرحمن الأفريقي، واعتنى بها وعلق عليها الدكتور خالد بن عبد العزيز الجناحي، دار الإمام مالك، أبو ظبي، الطبعة الأولى سنة 1431هـ، أنا أبين أولاً قيمة الكتاب يقول: (أما بعد فقد اطلعت على هذه الرسالة المباركة الموسومة بتحكيم الناظر، لفضيلة الأخ في الله العلامة الشيخ صالح بن أحمد نزيل المدينة المنورة فقرأت أغلبها فألفيتها رسالة قيمة عظيمة الفائدة قد اشتملت على إيضاح العقيدة السلفية) هذا كلام الإمام ابن باز عندهم، وأنا أقرأ هذه العبارات حتى يتضح قيمة هذه الرسالة. يقول: (قد اشتملت على إيضاح العقيدة السلفية والطريقة المحمدية والرد على من خالفها) نائب رئيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، سنة 1387هـ، انظروا هذا الرجل في مقدمة كتابه ماذا يقول؟ يقول: فإذا قلت في بحث الصفات، لأن الكتاب كأنه مناظرة بين نهج ابن تيمية ونهج الوهابية وبين الأئمة الأربعة والمذاهب الأربعة (فإذا قلت في بحث الصفات والتوسل قال السلفي أعني به أهل الحديث والنجديين) يعني منشأ الحركة الوهابية، محمد عبد الوهاب (وإذا قلت فيهما) يعني في بحث الصفات والتوسل (وإذا قلت فيهما قال الخلفي أعني به أهل المذاهب الأربعة عدا النجديين) إذن من هنا يتضح بين فريقين هما الوهابية النجديون وهم محمد عبد الوهاب وأتباعه، والطرف الآخر هم الخلفيون وهم المذاهب الأربعة وهم الحنفية الشافعية والمالكية وكثير من الحنابلة عدا النجديين. إذن هم يرون أنهم لا يمثلون أولئك وأولئك لا يمثلونهم، بل يقولون فريقان. بل أكثر من ذلك. هذا على مستوى الصفات والعقائد. (وإذا قلت في الفروع قال السلفي أعني به أهل الحديث فقط، وإذا قلت فيه) أي في الفروع (قال المقلد أعني به أهل المذاهب الأربعة المذكورة آنفاً) إذن الخلفي المقلد هم كل المسلمين. وهم لا يقبلون شيعة أهل البيت في الإسلام، هؤلاء خارج عن هذا التقسيم هم يتكلمون عن باقي المسلمين، هذا هو المورد الثاني.
المورد الثالث: ولعله من اوضح الموارد الدالة على هذه الحقيقة وسوف أطيل الوقوف عند هذه النقطة، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت جيداً لما يقوله هؤلاء.
هذه العبارات سأنقلها من كلمات ومن أجوبة أحد الأعلام والمراجع المعتبرين عند الوهابية وعند أتباع محمد بن عبد الوهاب الذي اتضح انه أثر من آثار ابن تيمية وهو الشيخ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، حتى لا يخرج أحد منهم إن كان يحترم نفسه على الفضائيات ويقول نحن نمثل أهل السنة، أنتم لا تمثلون أهل السنة، أنتم لكم وجهة نظر من الناحية العلمية محترمة، ما دامت لا تسيء إلى الآخر، وهذه بودي أن يتعلمها هؤلاء الذين يخرجون على الفضائيات من كل الفرقاء، لا فرق، أنك قد تختلف مع الآخر ولكن ينبغي عليك أن تحترم الآخر، حتى لو كنت تختلف معه مئة بالمئة، فما بلك ونحن نتفق وكلنا مسلمون نتفق في التوحيد وفي غيره، نعم قد نتفق في حقيقة التوحيد ولكن أحكام الإسلام جارية علينا جميعاً.
في (مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، ج1، ص115) طبع بإشراف مؤسسة الشيخ فلان، دار الثريا للنشر، يقول: (سُئل فضيلة الشيخ قال: وهل تقسيم أهل السنة إلى قسمين مدرسة ابن تيمية وتلاميذه) لابد أن يلتفت المشاهد أن السائل أنه يظهر من أهل العالم لم يعبر بأنه آراء ابن تيمية بل يعبر بمدرسة ومنهج (مدرسة بن تيمية وتلاميذه) يعني محمد عبد الوهاب لا أقل واحد من أهم تلاميذه (ومدرسة الأشاعرة والماتريدية) وقلنا أنهم 90% من جمهور المسلمين (هل أنها تقسيم) أهل السنة إلى قسمين (تقسيم صحيح وما موقف المسلم ...). فيجيب الشيخ العثيمين ويقول: (فنقول: من المعلوم أن بين هاتين المدرستين) يعني يقره على أنه ... إذن هما مدرستان لا تمثل أحدهما الأخرى، أيها المسلمون في العالم التفتوا لا يغرر بكم أحد، لا يحاول، لعل الكثير من هؤلاء الذين يأتونكم لا يعرفون مباني علمائهم وأساتذتهم (من المعلوم أن بين هاتين المدرستين اختلافاً بيناً في المنهاج) النهج واضح، أين، قد يقول قائل في الفروع وفي الفقه. أقول: لا. (فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته) إذن في أهم ركن في الدين وهي العقيدة (فالمدرسة الأولى) يعني مدرسة ابن تيمية (يقرر معلموها وجوب إبقاء النصوص على ظواهرها فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته مع نفي ما يجب نفيه عن الله من التمثيل أو التكييف) كما قلنا ولكن بلا نفي التجسيم (والمدرسة الثانية يقرر معلموها وجوب صرف النصوص عن ظواهرها فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وهذان المنهجان أو المنهاجان متغايران تماماً) ليسا متغايران 5% أو 10% أو 50%. وهذا الرجل اطمأنوا أنا أعده من كبار أعلام الوهابية المعاصرين وآثاره كثيرة، وأكثر آثاره موجودة عندي، سواء كان في التفسير وفي الفقه وفي غيره موجودة عندي في الصفات وفي غيره.
يقول: (وهذا المنهاجان متغايران تماماً ويظهر تغايرهما في المثال التالي، قال تعالى (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) وقال تعالى (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) فقد اختلف معلموا المدرستين في المراد باليدين اللتين أثبتهما الله لنفسه، فقال أهل المدرسة الأولى) يعني مدرسة ابن تيمية (يجب إبقاء معناهما على ظاهره وإثبات يدين حقيقتين لله على وجه يليق به، وقال أهل المدرسة الثانية يجب صرف معناهما عن ظاهره ويحرم إثبات يدين حقيقتين لله تعالى ثم اختلفوا في المراد بهما هل هو القوة أو النعمة أو شيء آخر) المهم أنهم قالوا لا يمكن على حقيقة اليد الجارحة التي ثبتت في اللغة العربية. (وبهذا المثال يتبين أن منهاجي أهل المدرستين مختلفان متغايران ولا يمكن بعد هذا التغاير أن يجتمعا في وصف واحد هو أهل السنة) إذن أحدهما أهل السنة والآخر ليس من أهل السنة، وإن كان الغامدي صرح بأنهم أهل البدعة (فإذن لابد أن يختص وصف أهل السنة بأحدهما دون الآخر ... فلنحكم بينهما بالعدل ولنعرضهما على ميزان القسط وهو كتاب الله وسنة رسوله وكلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان من سلف الأمة وأئمتها وليس في هذا الميزان ما يدل بأي وجه من وجوه الدلالة المطابقة أو التضمن أو الالتزام) هذه أنواع الدلالة التي تذكر في المنطق (صريحاً أو إشارة على ما ذهب إليه أهل المدرسة الثانية) يعني غير أتباع ابن تيمية، من هم غير أتباع ابن تيمية؟ يعني المذاهب الأربعة، يعني عموم المسلمين (بل في هذا الميزان ما يدل دلالة صريحة أو ظاهرة أو إشارية على ما ذهب إليه أهل المدرسة الاولى) يعني الحق مع ابن تيمية (وعلى هذا فيتعين أن يكون وصف أهل السنة خاصاً بهم) إذن أيها المسلمون في العالم أنتم جميعاً لستم من أهل السنة بل خرجتم من أهل السنة ببيان العثيمين وهو أحد أئمة الوهابية المعاصرة. قال: (لا يشاركهم فيه أهل المدرسة الثانية لأن الحكم بمشاركتهم إياهم جور) هذا ظلم أن نقول أن الأشاعرة والماتردية وعموم المسلمين كلهم من اهل السنة، لا، (لأن الحكم بمشاركتهم إياهم جور وجمع بين الضدين) والله لا أعلم كيف يلتقيان، أقرأها للمشاهد الكريم وأجعل تحتها عشرات الخطوط!! قال: (وجمع بين الضدين). لا يمكن أن يكون كلاهما على حق، إذن أحدهما على حق والآخر على الباطل، أحدهما على السنة والآخر خارج السنة، أحدهما مثاب والآخر معاقب، أحدهما في الجنة والآخر في النار، لا يعقل لأنهما ضدان وكيف يجتمع الضدان، إلا أن تقولوا أن الإمام العلامة العثيمين يقول كلمات لا يفهمها. وهذا لا نقبله من أحد بل هو يعني ما يقول. هذا كلامي الموجه لعلماء المسلمين في كل العالم، إلى المحققين وأهل الدراسة والأكاديميين بالخصوص وأهل الجامعات العلمية والأكاديمية التي تبحث عن الحق. لابد أن يلتفتوا، لا أقل هؤلاء الذين يخرجوا على القنوات ويقولون نحن نمثل السنة، أقول؟ أي سنة. قولوا نحن نمثل اتجاه ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب.
يقول: (لأن الحكم بمشاركتهم إياهم جور وجمع بين الضدين) يعني ليس بين الشيعة والوهابية بل بين عموم المسلمين وبين الوهابية، يعني مدرسة ابن تيمية وأتباعه (وجمع بين الضدين والجور ممتنع شرعاً والجمع بين الضدين ممتنع عقلاً).
أيها المسلمون في العالم بيننا وبين الله أتركوا الشيعة فقد حكموا علينا هؤلاء، أنا قلت من اليوم الأول أن هؤلاء لا يمثلون أهل السنة، تعالوا