هـــــــــل تذوقت يوماً حلاوة مناجاة رب العباد في ظلمات الليل والناس نيام وأنت تجلس وحيداً وتناجي رب العباد , أنيس المنفردين ؟
• هــــــــــــل شعرت بلهفة قلبك وفرحته وأنت تناجي ربك وتدعوه وتقف بين يديه وتنسى العالم كله ولا تتذكر إلا الله وتشعر بالراحة فى هذه اللحظات ؟
وفجأة دون شعور تجد لسانك يدعو ربك وعينيك تفيض من الدمع من خشية رب العباد وتجد نفسك تبوح إلى ربك بهمومك وأحزانك وكل كلمة تسبقها دمعة ,
وتشعر أن هذه الدموع تزيل هموماً من على قلبك تشعر كأنها تزيل جبالاً من على صدرك ..
وفجأة يتحول شعورك من خوف وهم تحمله على كتفيك إلى شعور غريب انبعث في قلبك ألا وهو
[ الثـقــة باللـه ]
انه سيفرج كربك ويخرجك مما أنت فيه
أنه سيعينك على قضاء حاجتك
أنه سييسر لك أمرك
أنه سيجيب دعوتك
أنه سينصرك
أنه لن يخذلك
أنه سيقضي دينك
وتتذكر قوله تعالى :
( ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )
فتشعر براحة رهيبة لأنك عرفت أن رزقك على مولاك وهو سيرزقك ولو في جحر , ورزقك يأتيك من حيث لا تعلم , سبحان الله لا ينسى عباده ..
وتجد نفسك تعودت على هذه المناجاة الجميلة وتتمنى لو لم تشرق الشمس وتستيقظ الناس لِما وجدته من حلاوة ولذة في هذه المناجاة وتجد نفسك تنتظر كل يوم أن يأتي الليل بسرعة وأن تجلس وحيداً بل أنيسا برب العالمين , لتبوح له بما في داخلك من هموم وتعب .
وتجد نفسك مع مرور الأيام أنك أحببت الخلوة برب العباد تخلو به وتناجيه حباً له وتدعوه دعاءً نابعاً من القلب مباشراً لرب العباد.
أخواتي :
من تذوقت منكنّ حلاوة مناجاة رب العباد , فلتحافظ عليها ولا تفرط فيها ..
فإنها كنز لا تقدر بمال فلا تجعليها تضيع منكِ أبدا , ومن لم تتذوقها فلتسعى بالطاعة والعبادة لتصل لها ويستشعرها قلبها ويطمئن بذكر الله.
اللهم أعنا على ذكرك وحسن عبادتك ..,
هذه قصة منقولة بلسان صاحبها ممن استشعر معنى المناجاة وذاق حلاوة مناجاة رب العباد في ظلمات الليل /
مررتُ بأزمة مالية، وليس من عادتي أن أسال الناس، فأصبت بهمّ وغمّ كبيرين .. ماذا أفعل ؟
فعليَّ التزامات كثيرة، كما أن كثيرا من الناس يظن أني ميسور الحال، والحمد لله على ذلك
وبدأ الأمر يزداد شيئا فشيئا، فلاحظ علي بعض المقربين مني ذلك، فأبحت ما في نفسي لهم بعد إلحاح شديد ؛ فعرض علي بعضهم أن يعطيني بعض المال ولكني رفضت، ولم يكرر أحد منهم العرض مرة ثانية .. وربما أعلم أن حال الكثيرين من أصدقائي هو مثل حالي، فالحياة أصبحت صعبة، والمتطلبات كثيرة، والحالة الاقتصادية الكل يعلمها جيدا، ومازال الهم والغم يلازمانني، وأريد أن أنفك عنهما
لم أكن أفكر في المال طول حياتي، لكن هناك ضغطا شديدا، ولما انسدت الأبواب كانت المفاجأة في نفسي أني أرفع يدي إلى الله أطلب منه،
دخلت حجرتي بعد أن توضأت وصليت ركعتين لله تعالى ثم بدأت ادعو الله، لم أكن أدعو باللغة العربية الفصحى ، وإنما أدعوه سبحانه بلغتي المعتادة، وجدت مشاعري وأحاسيسي تسبقني قبل كلماتي، وجدت قلبي ينطق لأول مرة مع ربي ..
بدأت أتذكر بعض آيات من القرآن الكريم، وكأنها تمر بخاطري لأول مرة :
{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}..
ثم نظرت إلى قوله تعالى{ أجيب دعوة الداع إذا دعان }
بعدها تذكرت حال الصالحين حين الضيق
وتذكرت عطاء الله تعالى لخلقه، وتبادر إلى ذهني رحلة موسى عليه السلام إلى مدين حين هاجر إليها ثم سقى
للفتاتين الصالحتين وجلس تحت ظل شجرة
سائلاً الله : { رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير }
وكأني وقعت على كنز؛ فظللت أردد :
{ رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير }
وظللت أكرر الآية وأستشعر فقري وحاجتي إلى الله تعالى
وتذكرت دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال )
وبعدها.. شعرت براحة نفسية. كما جاءني حسن ظن كبير بالله تعالى وأنه سيفرج كربي ..
وبالفعل لم يمض وقت طويل حتى فرج الله تعالى كربي، وقضى عني ديني بعيداً عن الديون ,
لم تكن قضية الدين هي التي شغلتني بقدر ما شغلني أني خرجت بتجربة ناجحة، وهي الدعاء,والالتجاء إلى الله وقت الشدائد قبل الالتجاء إلى الناس.
نعم، من الإسلام أن يتعاون بعضنا مع بعض، وأن المسلم لأخيه كالبنيان، لكن أول ما يلجأ المسلم يلجأ إلى مولاه، العالم بأسراره، المطلع على حاله،
وقد طرأ على ذهني هذا السؤال:
لماذا لا نلجأ إلى الله؟
ولماذا لا نناجي ربنا ؟!!
نشكو إليه همومنا وأحزاننا؟
إنه سبحانه يتنزل إلى السماء الدنيا كل يوم هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له، ... حتى يطلع الفجر
قال صلى الله عليه وسلم(ينزل الله في كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول : هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ حتى يطلع الفجر )
وقد كان الالتجاء إلى الله والشكوى له سبحانه حال كل الأنبياء،
فهذا يعقوب عليه السلام حين فعل أبناؤه ما فعلوه مع يوسف عليه السلام والكيد له، وحين أخذ ابنه الآخر وتذكر يوسف وبكى عليه، فعاب عليه القوم أنه مازال يذكر يوسف، فقال لهم { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} ..
نعم، نحن في حاجة لأن نشكو بثنا وحزننا وهمنا إلى الله تعالى، فلنجرب ولنطرق باب الله تعالى، شاكين له همنا، وشاكين له غلبة نفوسنا علينا ، وغلبة أعدائنا، فإن الله تعالى سيجعل لنا من أمرنا يسرا، ويرزقنا الأسباب التي تكون مفتاح فرج لهمنا وكربنا
فما أحوجنا إلى الله، وما أقرب الله منا، وما أبعدنا عن الله، فهلاّ اقتربنا منه، وناجيناه سبحانه وتعالى ؟؟؟