من للشيخ الرافضي كمال الحيدري ليُلجِم فمه؟؟
من خلال متابعتنا للقنوات التلفزيونية والتي فيها انواع البرامج ففي احد الايام وانا اتنقل بين القنوات من خلال الريمونت (كونترول) وجدت حديث فيه سؤال وجواب وكان الذي يجيب على سؤال مقدم البرنامج الشيخ كمال الحيدري ومن خلال مراقبتي الى هذا والقناة التي ينتمي اليها الظاهر القناة مجوسية والذي يقدم البرنامج ايضا مجوسي ومن خلال كلامهم روافض لكن الذي ادهشني واثار تفكيري في مايطرح من كتبنا نحن السنة ومن صحاحاتنا فبدأت بالبحث في النت على البرنامج وعنوان الحلقة وما طرح فيها على عنوان هذا الرافضي فوجدت ما يطرحه في القناة الفضائية والتي اسمها الكوثر طارحه في موقعه فقلت لأطرحه على مشايخنا لرد عليه فنريد منكم ايها المشايخ العلماء الرد عليه من كتبنا حتى نلجم فمه بحجر ولا يتكلم ويتفوه بكلمة واحده واليكم ما قال:
قال شيخ الرافضة الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في المقدمة بودي أن أشير وأبارك للعالم الإسلامي وخصوصاً من اتصل بنا أو من بعث إليها برسالة أو حاول الاتصال ولم يوفق أو من خلال الموقع حاول أن يبعث إلينا بتهنئة، أهنئهم جميعاً من خلال منبر الكوثر، وأدعو الله سبحانه وتعالى التوفيق لهم، ومن هذا المنبر أدعوا إن شاء الله تعالى للعراقيين خصوصاً ولعموم المسلمين في البلاد الإسلامية التي هي مبتلية بالإرهاب أن ينعموا بالأمن جميعاً، وهنا أيضاً ادعوا أخواني وأعزائي وكل من يسأل عنا أن يدعوا لي أن أوفق إن شاء الله تعالى في القريب العاجل أن أكون في القريب العاجل في العراق الحبيب لأقوم بوظيفتي من تلك الأرض المقدسة والبقاع المشرفة.
فيما يتعلق ببحث التجسيم أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقيقة، هذا البحث طويل جداً، يعني لعلنا نستطيع أن نقف عند بحث التجسيم ما يعادل خمسين حلقة من حلقات مطارحات في العقيدة، ولكن بقدر ما يمكن أحاول أن ألخص هذا الموضوع.
أما التمهيد الذي اشار إليه الدكتور، بعد أن ذكرنا في الحلقة السابقة الرواية التي أشار إليها الشيخ ابن تيمية فيما يتعلق بعلم الله سبحانه وتعالى بأعمال العباد وصلتني رسائل كثيرة تطالب الوقوف عند هذه النقطة التي أشار إليها ابن تيمية في كتابه الذي أشرنا إليه في الحلقة السابقة وهو (بيان تلبيس الجهمية، ج3) تحقيق أحمد معاذ حقي. هناك بعد أن نقل الرواية قال: (فإن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة) يعني اليوم الذي عندنا 24 ساعة عند الله 12 ساعة، يعني كل ساعتين عندنا تعادل ساعة عنده، (فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار اليوم) يعني الذي قام بعمل في يوم السبت الله سبحانه وتعالى لا يحصل له علم بما عمله زيد في يوم السبت، وإنما يحصل له العلم في أول يوم الأحد، يعني في الساعات الثلاث الإلهية، لا الساعات البشرية، باعتبار الإلهية ساعتين، يعني ست ساعات من اليوم البشري يحصل لله علم بأعمال العباد (فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار اليوم فينظر فيه ثلاث ساعات) يعني ثلاث ساعات الأولى يعني افترضوا من الساعة الثانية عشرة إلى السادسة صباحاً (فيطلع منها على ما يكره فيغضبه ذلك) إذن عندما عمل الإنسان العمل يوم السبت الله لا يعلم به فلا يغضب، أما بعد أن علم بذلك فيغضب لذلك (فيغضبه ذلك). أول ما يغضبه أول من يعلم بغضبه هم حملة العرش، باعتبار أن هؤلاء الحملة يحملون العرش والله عندما يغضب يزداد وزنه وثقله فالحملة يشعرون، أنتم تجدون أن هذه اللوازم كلها لوازم مادية لوازم الجسم المادي، (فأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش) كيف يعلمون بذلك (يجدونه) يعني يجدون العرش الذي عليه الحق تعالى (يجدونه يثقل عليهم فيسبحه الذين يحملون العرش). يقول: (اعلم أنه غير ممتنع حمل الخبر على ظاهره) طبعاً هذا الكلام ينقله عن الآخرين ولكن بعد ذلك لا يناقش هذا الكلام، هذا الكلام ليس لابن تيمية ولكن هذا كلام شيخ آخر من علماء المجسمة والمشبهة هو ينقلها كلامه ولكن بعد ذلك لا يرد عليه. (غير ممتنع حمل الخبر على ظاهره وأن ثقله) ثقل العرش (يحصل بذات الرحمن) لا يتبادر إلى ذهن أحد أن هذا الثقل قوة معينة، أبداً، وإنما بذاته ووجوده يثقل (وقيل أنه تتجدد له) أي لله (صفة يثقل بها على العرش ويزول في حال كما تتجدد له صفة الإدراك ...). هذا يدخل في باب التغير، هذا معناه أن الله إذن تارة خفيف وتارة ثقيل، إذن يختلف من حال إلى حال، وهذا لازمه، الآن أنا لا أريد أن أدخل في التفاصيل. هذا الحديث الذي قرأته تفصيل موجود في كتاب (العظمة، ج2، ص477، رقم الحديث 147) تأليف أبي الشيخ الأصبهاني، أبي محمد عبد الله ابن محمد بن جعفر بن حيان، المتوفى سنة 329هـ، دراسة وتحقيق رضاء الله بن محمد بن إدريس المباركفوري، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1419هـ، المملكة العربية السعودية، الرياض. الرواية عن ابن مسعود يقول: (إن ربكم تبارك وتعالى ليس عنده ليس ولا نهار) إذا صحت هذه الرواية عن ابن عباس كما يقولون إذن هذه 12 ساعة ليل نهار، يعني كله نهار أو ليل أو بعضه ليل وبعضه نهار أو لا ليل ولا نهار؟ الرواية لا تبين ذلك. (نور السموات والأرض من نور وجهه) لعله إشارة إلى قوله (الله نور السموات والأرض) (وأن مقدار كل يوم عنده 12 ساعة) كما أشار إليه ابن تيمية (فيعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار) يعني أول النهار من اليوم التالي (أول النهار من اليوم فيها ثلاث ساعات فيطلع فيها على ما يكره فيغضب كذلك فأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش والملائكة المقربون وسائر الملائكة فينفر جبريل في القرن) هذا في الروايات وارد (فلا يبقى شيء إلا يسبحه غير الثقلين فيسبحونه) الملائكة المقربين غير الثقلين (فيسبحونه ثلاث ساعات حتى يمتلأ الرحمن عز وجل رحمة) فكأنه عندما يغضب يفرغ من الرحمة، يعني بعبارة أخرى كان ممتلأ فبالغضب يفرغ وجوده، وأنا لا أعلم الغضب والرحمة هل هما أمور مادية أو معنوية، إذا كانت أمور مادية إذا فرغ فلابد أن يخف وزنه، وإذا غضب يثقل وزنه، والجميع قالوا أن الغضب والرحمة من الأمور المعنوية وليست من الأمور المادية، ولكنه هنا بغض النظر عن ما معنى الامتلاء، هذه يمتلئ مقابله يفرغ، وهذا يخالف قوله تعالى (الله الصمد) يعني ليس بفارغ.
(فتلك ست ساعات) إذن الله سبحانه وتعالى بحسب هذا النص الباطل ولكن هذا اعتقاد ابن تيمية واتباع ابن تيمية، يعتقد بحسب هذا النص الله في الساعات الثلاث الأولى يعيش حالة الغضب وفي الساعات الثلاثة الثانية التي تعادل ست ساعات عندنا يعيش حالة أنه يمتلأ رحمة، يعني حتى يرجع ويكون في حالة طبيعية. (فتلك ست ساعات ثم يؤتى بما في الأرحام فينظر فيها ثلاث ساعات فيصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً، فتلك تسع ساعات، ثم ينظر في أرزاق الخلق ثلاث ساعات فيبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وهو بكل شيء عليم فتلك 12 ساعة) هذا البرنامج اليومي لرب العالمين. والله الإنسان يأسف أن يقرأ هكذا روايات، ولكن أنا أريد أن أبين عقلية القوم، هذه عقلية ابن تيمية الذي يقول بعد نقل هذه الرواية يقول وليس في الخبر ما يمتنع بظاهره عن الله تعالى، يعني هذا الخبر يصح أن يحمل على ظاهره. (كل يوم هو في شأن هذا من شأنكم وشأن ربكم عز وجل) هذا برنامج العمل الإلهي.
هذه الرواية بشكل واضح وصريح تبين الحقيقة، لا أريد أن أدخل في التفاصيل أنه لا يعلم أعمال العباد حين وقوعها في الخارج، لا أنه لا يعلمها قبل ذلك، جزماً لا يعلمها حين ذلك، حتى حين وقوعها لا يعلم، وإنما يعلم بها بعد أن كان جاهلاً بها. المهم الله لا يعلم أعمال العباد في وقتها وإنما يكون علمه بعد جهل بها كما قرأنا الرواية مفصلة من هذا الكتاب.
سؤال: هذه الرواية صحيحة أو لا؟
الجواب: أنه معلق (بيان تلبيس الجهمية) يحاول أن يقول أن الرواية ضعيفة السند، وهذا ما أشار إليه في (ص263) لابد أن يعلم المشاهد الكريم أنه لم ينقل هذه الرواية كاملة، وإنما نقل بعضها. قال: (الرواية عن ابن مسعود ... فينظر ثلاث فيطلع فيها على ما يكره فيغضبه ذلك ...) المعلق يقول: (هذه الرواية لا يمكن قبولها، قلت: هذا الحديث بهذا السند ضعيف وقد ذكره المؤلف من باب الشواهد) هذا قول المحقق. أنا أشير إلى هذا حتى لا يقول قائل أن السيد الحيدري يقرأ روايات ضعيفة السند.
وكذلك هذه الرواية عندما جاء إليها محمد بن إدريس محمد كتاب العظمة أيضاً قال الرواية إسناده موقوف ومجهول. إذن من حيث السند.
نحن كلامنا مع ابن تيمية الذي أولاً لم يناقش سند الرواية، افترضوا أن هؤلاء المحققين قالوا أن الرواية ضعيفة، أنا أسأل هذا السؤال لابن تيمية ولأتباع ابن تيمية لو فرضنا أن الرواية صحيحة السند، واقعاً الله سبحانه وتعالى يعلم أعمال العباد بعد جهل. ولذا تجدون أن محقق كتاب العظمة ملتفت إلى هذه القضية. يقول: (إن في متن الرواية غرابة حيث حدد فيه الساعات) كيف الله عنده ساعات، الله له زمان، أن الله ينظر في ثلاث ساعات في كذا وثلاث ساعات في كذا، وكذا قوله حتى (يمتلأ رحمة يشبه ما ورد في ... فكل ذلك يكفي لضعف الحديث وبطلانه) هذا الرجل ملتفت، يقول حتى لو فرضنا أن الحديث صحيح السند المضمون باطل لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال.
أنا حديثي لا مع محقق كتاب العظمة ولا مع محقق كتاب تلبيس الجهمية، أنا حديثي مع الشيخ ابن تيمية الذي عبارته هكذا بشكل واضح وصريح، في (ص272، بيان تلبيس الجهمية) يقول: (اعلم أنه غير ممتنع حمل الخبر على ظاهره).
أنا سؤال هذا، الآن لا اريد أن أتكلم مع المحققين، بل مع ابن تيمية، افترض أن الرواية صحيحة السند، ماذا تقول في المضمون؟ يقول المضمون لا إشكال في صحته. إذن يعتقد الشيخ ابن تيمية أن علم الله بأعمال العباد إنما يكون بعد جهله بها. السؤال: يا ابن تيمية إذا كان الأمر كذلك إذن لماذا تنسب إلى الشيعة ... طبعاً ابن تيمية أيضاً يعتقد أن من نسب إلى الله العلم بعد أن لم يكن يعلم هذا من أكبر النقائص، هو يعتقد هذا، يعني الشيخ ابن تيمية يعتقد أن من اعتقد أن الله يعلم بعد جهل هذا من أكبر النقائص ولكن مع الأسف الشديد أنه نجده ينسب هذا المعنى للشيعة الإمامية، في كتابه (منهاج السنة في نقض كلام الشيعة القدرية، ج2، ص75) لابن تيمية، تحقيق محمد رشاد سالم، قال: (وكذلك هشام بن الحكم وزرارة ابن أعين وأمثالهما ممن يقول أنه يعلم ما لم يكن عالماً به) ينسبه لهشام بن الحكم وزرارة بن أعين الذين هما من أجلاء تلامذة الإمام الصادق عليه السلام، يا ابن تيمية هذا كلام أم نقص؟ يقول: (ومعلوم أن هذا من اعظم النقائص في حق الرب تعالى) إذا كان هذا من أعظم النقائص عند الرب تعالى، كيف تقول هنا وحمل الخبر على ظاهره غير ممتنع. ما ورد في بيان تلبيس الجهمية في (ص277) يقول: (إنه غير ممتنع حمل الخبر على ظاهره) هنا حمل الخبر على ظاهره يعني أن الله علم بعد أن لم يكن عالماً وأنت تقول هذا من أكبر النقائص، (هذا من أعظم النقائص في حق الرب أن يقول يعلم ما لم يكن عالماً به).
فتحصل إلى هنا، أريد أن أصل إلى هذه النتيجة، أنه من يعتقد بصحة مضمون هذا الحديث معناه يقبل أن الله هو عالم بأعمال العباد بعد أن كان جاهلاً بها. بعد أن لم يكن عالماً بها. والغريب يعتقد ابن تيمية أن هذا من أعظم النقائص ولكن ينسبه إلى تلامذة أسمة أهل البيت مع أنه هو التزم به في كتابه بيان تلبيس الجهمية.
المُقدَّم المجوسي الرافضي: الله سبحانه وتعالى يقول في سورة الأنعام (وهو الذي يتوفاكم في الليل ويعلم ما جرحتم في النهار).
بعد ان انتهينا إلى هذه النقطة، فهل يمكن تذكروا ولو إجمالاً نظرية أهل البيت في هذا الجانب.
قال شيخ الرافضة كمال الحيدري: الآن أنا فقط أضع بين يدي المشاهد الكريم هذه نظرية ابن تيمية وأتباعه يعتقدون أن الله لا يعلم أعمال العباد التي وقعت في هذا اليوم لا يعلم بها إلا في اليوم اللاحق. يعني ما وقعت في أعمال العباد ما وقع بالأمس يعلمه اليوم، ما وقع بالأمس لا يعلمه في نفس الوقت.
الآن أنظروا ماذا يقول أئمة أهل البيت الذين هم عدل القرآن، الذين هم لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن. بمقتضى نص حديث الثقلين الذين من تمسك بهما، يعني الكتاب والعترة لن تضلوا بعدي أبداً. تجدون الآن بعد ذلك سيتضح أنه من الضال ومن الهادي الذي هو على الصراط المستقيم.
الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في (نهج البلاغة، ص344، الخطبة 198) شرح الشيخ محمد عبدة، يقول: (إن الله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم ونهارهم) لا يخفى عليه، قد يقول لي قائل هذا في اليوم اللاحق، يقول: لا. يقول: (لطف به خبرا وأحاط به علماً أعضائكم شهوده) فكيف يعقل إذا كانوا هؤلاء شهود أن يكون متأخراً (وجوارحكم جنوده وضمائركم عيونه وخلواتكم عيانه سبحانه وتعالى) يعني الذي أنتم في خلواتكم الله لا يحتاج إلى شيء حتى يعلم، بل هي، باعتبار أن الله سبحانه وتعالى حاضر ومحيط بكل شيء، إذا كان محيطاً وهو معكم (أقرب إليكم من حبل الوريد) (يحول بين المرء وقلبه) أساساً لماذا كل هذا التطويل، والغريب والله أنا استغرب من هؤلاء القوم، نحن عندما نتوسل إلى الأئمة يقولون لماذا تجعلون بينكم وبين الله واسطة، ولكن عندما تصل القضية إلى علم الله بالأشياء يجعلون بينه وبين علمه وسائط، وهو يتأخر في علمه.
هذا نص من الإمام أمير المؤمنين.
نص آخر ورد في كتاب (الأصول من الكافي، ج1، ص261، الحديث رقم 294) الرواية عن أبي جعفر الباقر عليه السلام. قال: (سمعته يقول كان الله ولا شيء غيره ولم يزل عالماً بما يكون) قبل وقوعه (فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه) أيها المشاهد لا أنه لم يكن يعلم ثم يعلم حتى يغضب. وإذا قلت أنه يعلم على مبانيهم لعلمه يغضب فقبل ذلك أيضاً يعلم فلماذا لا يغضب. إذن خير شاهداً على أنه لم يعلم أنه بعد العلم ثقل وزنه وغضب. هذا معناه أنه قبل العلم لم يغضب، لماذا؟ لأنه لم يكن يعلم.
رواية أخرى، أنه كتب إلى ابي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن الله عز وجل أكان يعلم الأشياء قبل خلق الأشياء، وكونها، أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها، يعني لم يكن يعلم ولكن حين الخلق علم بها، وأراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عندما خلق، وما كون عندما كون. فوقع بخطه عليه السلام: لم يزل الله عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعدما خلق الأشياء، عالم لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
الرواية الأخرى في هذا المجال وهي ما ورد في كتاب (بحار الأنوار، ج4، ص85) للعلامة المجلسي، دار الوفاء، قال: (سألت أبا عبد الله الصادق عن الله تبارك وتعالى أكان يعلم المكان قبل أن يخلق المكان أم علمه عندما خلقه وبعدما خلقه، فقال تعالى الله بل لم يزل عالماً بالمكان قبل تكوينه كعلمه به بعدما كونه وكذلك علمه بجميع الأشياء كعلمه بالمكان) يعني كيف أنه قبل أن يخلق المكان، الله يغفر لابن تيمية وأتباع ابن تيمية، مكانه هو خلقه أم هو من الأزل موجود معه؟ فإن قلتم أن مكان الله، لأنكم تلتزمون أن مكان الله في الأعلى فلهذا قال ابن تيمية نرفع أيدينا إلى السماء، هذا مكانه هو خلقه أو من الأزل كان المكان معه، يعني مكان الله، فإن قلتم هو خلق مكانه، هذا معناه أن الله كان ولا مكان له، لأنه قبل أن يخلق لا مكان له، وإن قلتم لا، المكان من الأزل معه، فإذن اشركتم وصار أزلياً، إذن المشرك الأول ابن تيمية وأتباع ابن تيمية، تحاسبون هؤلاء بسطاء الناس أنهم يقفون عند القبور أو عند البقاع المقدسة ويقولون كذا، على فرض أن هذا يكون من الشرك وليس شركاً كما سيتضح في محله، لو تنزلنا معكم فهذا هو الشرك الأصغر، أنتم عندكم الشرك الأكبر، هذا هو الشرك الخفي، وأنتم تعيشون الشرك الجلي، لأنكم تعتقدون أن الله سبحانه وتعالى له مكان ومكانه فوق العرش والعرش كقبة فوق السموات والأرض ولذا لابد أن نصعد إليه ولهذا ينزل أما في كل ليلة أو في كل ليلة جمعة أو غيره، هذا معناه أنكم تعتقدون أن له مكان يصعد وينزل منه، وثبت أن له وزن وثقل وخفة، وتعتقدون أنه يشار إليه بالإشارة الحسية وتعتقدون ...
إذن بهذا يتضح للمشاهد الكريم ما هي عقيدة مدرسة أهل البيت، عقيدة مدرسة أهل البيت أن الله يعلم كل شيء قبل خلقه، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء، لا أن أعمال العباد يعلمها بعد وقوعها، بل يعلمها قبل وقوعها. ثم هنا نكتة إن شاء الله في الأبحاث القادمة سأشير لها.
الإمام الرضا يقول لو أن الله سبحانه وتعالى كان بسبب غضبه على المعاصي فيثقل وزنه ينبغي مذ خلق إبليس إلى يومنا هذا ينبغي أن لا يخف وزنه، لأنه غاضب على إبليس. هذا استدلال الإمام الرضا، يقول لو كان الله يبقى ثقيلاً لغضبه الله مذ خلق إبليس لم يرضى عليه، إذن ما زال هؤلاء الملائكة المساكين يعيشون تحت ثقل العرش.
إذن هذا البيان يوضح لنا بشكل واضح وصريح، طبعاً من يريد المراجعة وهو علم الله بالأشياء الأعمال وغير الأعمال أنا أشرت إليها في كتاب (التوحيد بحوث في مراتبه ومعطياته، ج1، ص207 وما بعد) يوجد تفصيل البحث.
المُقدَّمالرافضي: إذا كان الأمر كذلك فإذن كيف ينسب ابن تيمية وأتباعه للشيعة الإمامية أنهم يقولون بأن الله تعالى يعلم بعد جهل.
قال شيخ الرافضة الحيدري: واقعاً هذه من العجائب، وإن كان أنا أريد أن أقول للمشاهد الكريم هذا السؤال والجواب وإن كان خروج عن محل البحث ولكن للضرورة أحكام.
واقعاً هم يعتقدون أن الله عالم بعد جهل، عالم بعد أن لم يكن عالماً بأعمال العباد، هذه تصريحاتهم، ولكنه مع الأسف الشديد عندما تأتي إلى ابن تيمية تجد يحاول أن ينسب إلى الشيعة الإمامية الاثنا عشرية وإلى أتباع أهل البيت بأنهم يقولون بأن الله لا يعلم بكل شيء، وأن الله عالم بعد جهل، ويفسرون البداء الذي تعتقد به مدرسة أهل البيت هذا التفسير الخاطئ الذي هم اعتقدوه ولكن نسبوه للشيعة.
انظروا ماذا يقول ابن تيمية في كتاب (منهاج السنة، ج2، ص74) قال: (وأيضاً فكثير من شيوخ الرافضة من يصف الله تعالى بالنقائص فزرارة ابن اعين وأمثاله يقولون يجوز البداء عليه وأنه يحكم بالشيء ثم يتبين له ما لم يكن علمه). إذن ينسب إلى زرارة والى الشيعة وشيوخ الرافضة أن الله لم يكن يعلم ثم علم.
وعلى هذا الاساس الذي تبين أنه يلتزم به في بيان تلبيس الجهمية، ولكن ما يؤسفني ويؤلمني كثيراً أن كبار علماء الوهابية المعاصرين إنما يكفرون الشيعة ويقولون في حقهم أنهم يبطنون الكفر وإن أظهروا الإسلام ويبطنون الزندقة ويظهروا الإسلام يقول لأنهم أمنوا بالبداء. حقيقة من يؤمن بالبداء هو الشيخ ابن تيمية.
تقول: من منهم يقول هذا؟ أنا أقول لك من يتهم الشيعة بالزندقة والكفر والنفاق على أساس مسألة البداء.
هذا كتاب (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ج1، ص28 و 29) لعبد الرزاق بن عفيفي بن عطية المتولد 1323هـ، ثم نقل إلى الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد وعين بها نائباً لرئيس اللجنة الدائمة لإدارة البحوث والإفتاء، مع جعله عضواً في مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية. إذن هو نائب للرئيس اللجنة الدائمة وهو عضو دائم في مجلس هيئة كبار العلماء، هذا الرجل حقق كتاب (الإحكام في أصول الأحكام، ج2، ص136) للإمام الآمدي. علق عليه العلامة الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الذي هو نائب رئيس اللجنة الدائمة وعضو هيئة كبار العلماء. يقول المعلق: (اعتذر الآمدي عن اليهود والرافضة) إذن يجعل اليهود والرافضة في رتبة واحدة (في انتقاصهم لله) كأن شيخه ابن تيمية يعظم الله (وطعنهم في أفعاله وشرائعه بخفاء الفرض بين النسخ والبداء ... ومن تبين أمر اليهود وحسد اليهود لمن جاء بعد موسى من الأنبياء وكيدهم لشرائع الإسلام وتبين حال الرافضة ووقف على فساد دخيلتهم وزندقتهم) طبعاً بعضهم يتعامل مع الشيعة تعامل الزنادقة فيقتلونهم بالجملة (ووقف على فساد دخيلتهم وزندقتهم بإبطان الكفر وإظهار الإسلام وأنهم ورثوا مبادئهم عن اليهود) أول من ورث تبين أنه الشيخ ابن تيمية، لأنكم تعتقدون هذا البداء الباطل وهو أول من قال به (ونهجوا في الكيد للإسلام منهجهم) منهج اليهود (وتبين حال الرافضة علم أن ما قالوه من الزور والبهتان) يعني في مسألة البداء (إنما كان عن قصد سيء وحسد للحق وأهله وعصبية ممقوتة دفعتهم إلى الدس والخداع وإعمال معاول الهدم سراً وعلناً للشرائع ودولها القائمة عليها ومن قرأ آيات القرآن وتأريخ الفريقين) يعني اليهود والرافضة (ظهر له ما هم عليه من الدخل والمكر السيء). لماذا؟ لأنهم قالوا بالبداء.
واقعاً أنا سؤال الذي اريد أطرحه، واقعاً أن الشيعة عندما يؤمنون بالبداء هل يؤمنون بالبداء بالمعنى الذي قاله ابن تيمية، يعني علم بعد أن كان لم يعلم، يعني علم بعد جهل، أو أن أئمتهم وعلمائهم يصرحون بما لا مجال فيه للريب والشك أن هذا الذي نعتقد هو هذا ... هذا الذي نعتقده هو هذا.
انظروا ماذا يقول في (بحار الأنوار، ج4، ص111، الحديث30، كتاب التوحيد)(عن أبي عبد الله الصادق، قال: من زعم أن الله عز وجل) الإمام الصادق يناقش أي نظرية (من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فأبرأوا منه) تعبير أمس، لأن الرواية كانت الذي حصل بالأمس يعلمه اليوم، الإمام يناقش هذه النظرية الباطلة ... يقول: (فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار اليوم). الإمام يقول: (من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شيء لم يعلمه أمس) يا ابن رسول الله لماذا تقول أمس؟ يبدو أن هذه النظرية كان من يعتقد بها، هناك من يعتقد أن العمل عندما يقع في يوم السبت لا يعلم به الله إلا يوم الأحد. ولذا عبر الإمام (لم يعلمه أمس فأبرأوا منه) ويتهمون شيعة أهل البيت أنهم قائلون بأنه يعلم بعد جهل.
المورد الثاني، ما ورد في كتاب (الأصول من الكافي، ج1، ص361، الحديث 294)للكليني، عن عبد الله بن سنان عبد أبي عبد الله الصادق، قال: (ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له) لا أنه علم بعد جهل، بل هو علم بعد علم، عمل ظهور بعد علم، لا ظهور بعد جهل. (ما بدا) عبارة بدا وردت في روايات أئمة أهل البيت بشكل واضح (ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أني يبدو له).
رواية أخرى عن أبي عبد الله الصادق، قال: (إن الله لم يبدو له من جهل) معاذ الله. هذه هي نظرية أهل البيت، ومع ذلك يأتي ابن تيمية وأتباعه مثل العفيفي يدعون بأن هؤلاء زنادقة لأنهم قالوا أن الله يعلم بعد جهل.
مرة أخرى أقرأ عبارة ابن تيمية في منهاج السنة، ج2، ص74. التفتوا جيداً حتى تعرفوا ماذا يتهم الشيعة وماذا يقول الشيعة. يقول: (ثم يتبين له ما لم يكن علمه فينتقض حكمه لما ظهر له من خطئه ... أن أمثال هشام كان يقول يعلم ما لم يكن عالماً به ومعلوم أن هذا من أعظم النقائص).
نعم، من أعظم النقائص، ولكن أنت من التزم به، لا شيعة أهل البيت، وإلا شيعة أهل البيت بشكل واضح وصريح أنه لا يبدو له عن جهل أبداً.
المُقدَّم الرافضي: هل ورد لفظ البداء في مصادر أهل السنة أم لا؟
قال شيخ الرافضة كمال الحيدري: هذا التعبير في الروايات، أهل البيت ماذا قالوا؟ قالوا بدا له أو بدا لله. يعني هذا التعبير في هذه الروايات ليس بداء، ثم التعبير بـ (له) يعني لله سبحانه وتعالى.
السؤال المطروح هنا: هل أن هذا التعبير مختص برواياتنا فقط حتى نتهم بالكفر والزندقة وإبطان الكفر أو أن النصوص الصحيحة والصريحة الواردة في كتبكم الصحيحة تثبت هذا الاصطلاح بنفسه وهو بدا لله أو بدا له؟
أخواني الأعزاء هذه الروايات وردت بشكل واضح وصريح في أهم كتب وصحاح أهل السنة. تقول لي: معقول؟ أقول: نعم، ولكن يظهر أن هؤلاء الذين يخرجون على الفضائيات ويتهمون الشيعة أساساً بنوا على تدليس الحقائق وعلى أن لا يقولوا للناس ماذا يوجد في كتبهم.
هذا كتاب (صحيح البخاري، ج2، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل، ح3464) المكتبة السلفية، المملكة العربية السعودية، قال: (أن أبا هريرة حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله) أقول للمشاهد الكريم نحن نعتقد أن هذه الصلاة هي الصلاة البتراء لا نقول صلى الله عليه وسلم، لأننا نعتقد أننا أمرنا من رسول الله أن نصلي الصلاة التامة التي هي على أهل البيت أيضاً، ولذا إذا وجدتم أقرأ صلى الله عليه وآله أقول ما أعتقده وليس بالضرورة أن تكون موجودة في الكتاب (سمع رسول الله يقول أن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله عز وجل أن يبتليهم) نفس النص الذي قرأنها (بدا لله عز وجل أن كذا). أنا أريد أن اقرأ نفس النص، أرجع وأقول يقول (بدا لله عز وجل أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً). انظروا إلى ما قرأناه عن الإمام الصادق قال: (ما بدا لله في شيء) إذن الاصطلاح واحد.
لا أعلم لماذا أن بدا في أصول الكافي عن الإمام الصادق تصير زندقة وكفر ولكن بدا التي هي في صحيح البخاري تكون إيمان وإسلام.
لماذا إذا ورد عن أئمة أهل البيت الذين هم عدل القرآن ولا يفترقون عن الكتاب وأمنت الشيعة الإمامية بما قاله أئمتهم صار كفراً ونفاقاً وزندقة، ولكن من أمن بما ورد في جامع الصحيح في البخاري صار إيماناً وإسلاماً في الدرجات العلى.
مورد ثاني، ما ورد في (مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج11، ص469، الرواية 6881) تحقيق شعيب الارنؤوط، الرواية عن رسول الله (سمعت رسول الله يقول أن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ضحى فأيتهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها ... وكان يقرأ الكتب وأظن أولاها خروجاً طلوع الشمس من مغربها وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع) يعني الشمس تأتي وتسجد عند العرش ثم تستأذن الله أن ترجع إلى المشرق حتى غداً تخرج من المشرق (فأذن لها في الرجوع حتى إذا بدا لله أن تطلع من مغربها) نفس التعبير. (حتى إذا بدا لله). التفتوا لي جيداً، ماذا يقول العلامة الأرنؤوط؟ يقول: (إسناده صحيح على شرط الشيخين) نفس النص. بدا لله. هذا مورد.
طبعاً هناك عشرات الموارد وعلى شرط الشيخين، في مسند أحمد على شرط الشيخين أيضاً.
قد يقول لي قائل: سيدنا من أين تقول أنه بدا في هذه الروايات مستعمل بمعنى البداء الموجود عندكم. لعل هذا فقط اشتراك لفظي وإلا البداء الذي تقول به مدرسة أهل البيت وأئمة أهل البيت وشيعة أهل البيت غير هذا الذي ورد في نصوصنا بدا لله.
الجواب: كونوا على ثقة بشكل واضح وصريح الألباني والأرنؤوط فهموا من هذه النصوص بدا لله فهموا منها البداء الذي هم يناقشون به مدرسة أهل البيت.
هؤلاء فهموا من النصوص الواردة في صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد بن حنبل وقال الأرنؤوط بأنها صحيح على شرط الشيخين فهموا منها البداء المتنازع فيه بين علماء مدرسة أهل البيت وبين الآخرين. ما الدليل؟
دليلنا كتاب (صحيح الجامع الصغير، ج1، ص411، رقم الحديث2052) تأليف محمد ناصر الألباني، المكتب الإسلامي، عندما ينقل رواية الجامع الصحيح يعني جامع صحيح البخاري (أن ثلاثة نفر في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله) انظروا ماذا يعلق العلامة الألباني على هذا، يقول: (هذه رواية البخاري، وكأنها رواية بالمعنى) هذا يعلم الألباني واقعاً هنا استطيع أن أقول جاهل، هو إذا احتملنا في الرواية أنها منقولة بالمعنى بعد لا يبقى حجر على حجر، لا قيمة لهذا الكتاب، لم ينقل ألفاظ رسول الله، وإذا لم ينقل الألفاظ فكيف يمكن أن نعتمد، ولكن انظروا ولكنه حتى يبطل هذه الرواية اضطر أن ينتقص من البخاري، قال: (وكأنها رواية بالمعنى فإن البداء لله مستحيل) لأنه فهم من قوله بدا لله البداء بالمعنى المعروف. إذن فهم من النص ما يتهموننا به. إذن هذا المعنى الذي تقول به الشيعة الإمامية وارد في صحيح البخاري بفهم الالباني. ولذا فسرها ابن الأثير بقوله (أي قضى) بدا لا أدري متى صارت بمعنى قضى. ثم إذا كان بدا بمعنى قضى فهذا تأويل ولذا تجدون بشكل واضح وصريح أن العلامة الأرنؤوط في (مسند الإمام أحمد، ج32، ص424) يقول: (قال السندي) هذا كلام شعيب الأرنؤوط في حاشيته على مسند أحمد (قال السندي قوله فإذا بدا هكذا في النسخ بدا من البدو، ولله جار ومجرور متعلق به، أي ظهر له تعالى ... قلت) السند يقول هل نحمل هذا اللفظ على ظاهره أو نؤوله؟ يقول السندي نؤوله، الأرنؤوط يقول (والأقرب التأويل) سؤال: أنتم تقولون لابد أن تحمل الروايات على ظاهرها لماذا هنا تأولون. أحملوها على ظاهرها. هذا منهجكم. انظروا إلى القاعدة التي يؤسس لها والتي إذا التزم بها هنا لابد أن يلتزم بها إلى الآخر. يقول: (والأقرب التأويل بلا تخطئة الرواية) لأن الرواية صحيحة السند، في البخاري وفي مسند أحمد على شرط الشيخين (بعد ثبوتها والله تعالى أعلم) لماذا؟ باعتبار أن البداء بذلك المعنى محال على الله سبحانه وتعالى، إذن إذا كان الأمر كذلك لابد أن ننظر أن الجسم يجوز على الله أو يكون محالاً، فإذا كان محالاً على الله فلا تقولون لنا ظواهر الآيات والروايات، ظواهر الآيات أولاً لا تدل على التجسيم وعلى فرض التنزل دلت على التجسيم إذا كان العقل يقول بالاستحالة فلا يمكن ... ولذا تجد أن الألباني التفت إلى هذه القضية بشكل واضح وصريح في (ص411 في حاشيته) قال بأنه أساساً لا نقبلها وكأنها رواية بالمعنى فإن البداء لله مستحيل. إذن نحن لابد أن نضع هذه القاعدة نصب أعيننا في أي صفة نصف الله سبحانه وتعالى بها.
هذه قاعدة، هم في المكان الذي يعجبهم يقولون العقل يقول بالاستحالة فلا يمكن القبول بظاهرها ولابد من التأويل، وفي المكان الذي لا يعجبهم يقولون نعمل بظواهر الآيات والروايات، في النتيجة لابد أن تكونوا على منهج واحد، أما بهذا الاتجاه وأما بذاك الاتجاه وهذه القاعدة هي أساسنا الذي نحن نسير عليه في الحق سبحانه وتعالى وصفاته وهو أنه في أي صفة عندما تأتي في الآيات والروايات أولاً لابد أن العقل يحيلها أو يجوزها، يعني يقول ممكنة على الله ... جائزة على الله أو ممتنعة.
أضرب مثال للمشاهد، إذا جاءت آية أو رواية تدل على أن الله علم بعد جهل، نقول هذا معقول أو غير معقول؟ غير معقول أن الله يتصف بالجهل، لأن الجهل نقص، إذن ننفي الرواية رأساً، وإن كانت صحيحة السند وإن كانت واردة في صحيح البخاري وغيره فلا قيمة لها، باعتبار أن هذا النص ينسب صفة نقص لله سبحانه وتعالى والجهل من النقص.
نحن في بحث الجسم أيضاً نريد أن نصل إلى هذه النقطة، وهي أن الجسم كمال له أو نقص له كالجهل والعجز، هم يقولون لا، كمال له، أو يمكن أن يتصف. نحن نقول يستحيل عليه أن يتصف بأنه جسم، وإذا وجدنا في كلام أي كان ومن كان أنه يقول أن الله جسم بمقتضى القاعدة العقلية لابد من تأويل ظاهر هذا اللفظ.
سؤال: هذا المعنى من البداء الذي نحن قلناه وهو أنه لا يبدو له عن جهل، علماء المسلمين يقبلون هذا المعنى أو لا يقبلون؟ انظروا إليه، ليس فقط اتضح أن الروايات تثبت هذه الحقيقة، الآن سيثبت لنا أن علمائهم أيضاً يقبلون هذه الحقيقة بشكل واضح.
ما ورد في كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج6، ص613) للعسقلاني، قال: (بدا لله بتخفيف الدال المهملة بغير همز) لأن البعض أراد أن يقول بدأ الله، ارادوا أن يحرفوها وقالوا بأن هذه بدأ وتلك ليست لله، وإنما الله، فبدأ فالله صارت ليست جار ومجرور بل صارت فاعل (بدا الله بتخفيف الدال المهملة بغير همز أي سبق في علم الله فأراد إظهاره) موجود لم يبدو له عن جهل بل عن علم، عين النص الذي قرأناه عن الإمام الصادق (وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافياً) لأن هذا معاذ الله، (لأن ذلك محال في حق الله تعالى) الجميع ملتفت إلى القاعدة العقلية وهو أنه إذا ثبت أن صفة من الصفات محالة على الله لأنها نقص لا نثبتها حتى لو كان ظاهر الآيات والروايات يدل على ذلك، هذه كلمات أعلام المسلمين.
نفس هذا الكلام ورد في (عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، ج16، ص66) للإمام العيني، قال: (بدا لله بتخفيف الدال المهملة بغير همز كذا ضبطه بعضهم ... أي سبق في علم الله فأراد إظهاره وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافياً لأن ذلك محال في حق الله تعالى). الكل متفق، وهكذا ما نجده في (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، ج7، ص417).
سؤال: هذا الكلام الذي قالوه في البدا، بدا لله، يقولوه علماء الشيعة، تلامذة أئمة أهل البيت أو لا يقولونه؟
أختم كلامي، ما ورد في رسالة تحت عنوان (رسالتنا في البداء، ص19) تأليف العلامة المجدد البلاغي وآية الله العظمى السيد الخوئي، إعداد السيد محمد علي الحكيم، قال: (وأما البداء فهو بمعنى الظهور لغة مأخوذ من بدا يبدو بدوا وبدواً وبداءة وبداءً وبدوءً فيقال فلان بدا له في الرأي، أي ظهر له ما كان مخفياً عنه) وهذا معناه علم بعد جهل (وفلان برز فبدا له من الشجاعة ما كان مخفياً عن الناس فمعنى بدا في المثالين واحد فالبداء المنسوب إلى الله جل شأنه إنما هو بمعنى المثال الثاني) لا أنه بدا له بعد أن كان خافياً عليه، وهو المحال على الله، وإنما هذا المعنى الثاني، أي ظهر لله من المشيئة ما هو مخفي على الناس، وعلى خلاف ما يحسبه الناس. (وهذا ما يقتضيه العقل ويشهد له صريح الأحاديث منها صحيح عبد الله بن سنان عن الصادق، ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له، ورواية أخرى أن الله لم يبدو له من جهل، ورواية ثالثة هل يكون اليوم شيء لم يكن) نفس هذا النص الذي قرأناه (هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس) نفس هذا التعبير. نفس ما قرأناه من ابن تيمية. (هل يكون اليوم شيء) هذه الرواية في (أصول الكافي، ج1، 115) الطبعة القديمة (هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس) الذي قالوه هؤلاء أنه إذا فعل يوم السبت الله يعلم به يوم الأحد (قال عليه السلام: لا، من قال هذا فأخزاه الله) هكذا يقول (قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، أليس في علم الله؟ قال عليه السلام: بلى، قبل أن يخلق الخلق) هذه هي نظرية أهل البيت.
فتحصل إلى هنا نحن نعتقد أن من يقول بأن الله يبدو له عن جهل، بتعبير أئمتنا، فأبرءوا منه، أخزاه الله، اساساً هذا غير ممكن أن يعلم اليوم شيئاً لم يكن يعلمه بالأمس كما قال الشيخ ابن تيمية ونحو ذلك.